فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنّك كنت إذا سئلت عن المسألة تكون فيها كالسّكة المحمّاة؟ قال:
إني كنت حاقنا ولا رأي لحاقن ثم أنشد يقول:
إذا المشكلات تصدّين لي ... كشفت حقائقها بالنّظر
وإن برقت في مجيء الصّواب ... عجب لا يجتليها البصر
مقنّعة بغيوب الأمو ... وضعت عليها صحيح الفكر
لسان كشقشقة الأرحبي ... أو كالحمام اليماني الذّكر
وقلب إذا استنطقته الهموم ... أربى عليها بواهي الذرر
ولست بإمعة في الرّجا ... ل أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مذرب الأصغري ... ن أبيّن مع ما مضى ما غبر
وقال ابن النّجّار: أخبرني يوسف بن المبارك بن كامل الخطّاب قال: أنشدنا أبو الفتح مفلح بن أحمد الرّوميّ، قال: أنشدنا أبو الحسين بن أبي القاسم التّنوخيّ عن أبيه عن جدّه عن أجداده إلى علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه-:
أصمّ عن الكلم المحفظات ... واحلم والحلم بي أشبه
وإنّي لأترك حلو الكلام ... لئلا أجاب بما أكره
إذا ما اجتروت سفاه السّفيه ... عليّ فإنّي أنا الأسفه
فكم من فتى يعجب النّاظرين ... له ألسن وله أوجه
ينام إذا حضر المكرمات ... وعند الدّناءة يستنبه
وروى ابن أبي الدّنيا في الصّمت عن حمزة الزّيّات- رحمه الله تعالى- قال: قال علي ابن أبي طالب: - رضي الله تعالى عنه- وكرّم الله وجهه-:
لا تفش سرّك إلّا إليك ... فإنّ لكلّ نصيح نصيحا
فإنّي رأيت غواة الرّجال ... لا يدّعون أديما صحيحا
وبلغه أن ابن السّوداء يبغض أبا بكر فدعا به ودعا بالسّيف وهمّ بقتله فكلّم فيه، فقال: لا يسألني. وسيّره إلى المدائن
وحدّثه رجل بحديث فقال له: ما أراك إلّا كذبتني، قال: لم أفعل؟
قال: أدعو عليك إن كنت كذبت، قال: ادع، فدعا فما (برح) [ (١) ] حتّى أجيب، ومرّ على مزبلة، فلمّا رأى ما فيها، قال: هذا ما بخل به الباخلون،
أو كما قال.
[ (١) ] في ح خرج.