لا يرجع أحد عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه، وتواعدوا ليلة عشرة من رمضان، فتوجّه كلّ واحد إلى المصير الّذي فيه صاحبه الّذي يريد قتله، فضرب ابن ملجم عليّا بسيف مسموم في جبهته، فأوصله إلى دماغه في اللّيلة المذكورة ليلة الجمعة،
ولما ضربه ابن ملجم قال: فزت، وربّ الكعبة، وأوصى سيّدنا الحسن والحسين- رضي الله تعالى عنهما- بتقوى الله- عز وجل- والصلاة والزكاة، وغفر الذّنوب، وكظم الغيظ، وصلة الرّحم، والحلم عن الجاهل، والتّفقّه في الدّين، والتّشبّث في الأمر، وتلاوة القرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش، ووصّاهما بأخيهما محمد بن الحنفية، ووصاه بما وصاهما وأن يعظّمهما، ولا يقطع أمرا دونهما، وكتب ذلك كله في كتاب وصيّته، وصورة الوصيّة «بسم الله الرحمن الرّحيم» . هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أنّه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، قل: إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت، وأنا أوّل المسلمين» أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربّكم، وطاعته، وحسن عبادته، ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصّلاة والصّيام وانظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم ولا تبغوا الدّنيا، ولا تبكوا على ما زوى عنكم منها، وقولوا الحقّ وارحموا اليتيم، وكونوا للظّالم خصما، وللمظلوم نصرا، واعملوا بما في كتاب الله- عزّ وجلّ- وسنّة رسوله- صلى الله عليه وسلم- ولا يأخذكم في الله لومة لائم، ثمّ ليهون عليكم الحساب، الله الله في الصّلاة، فإنّها عمود دينكم، والله الله في الجهاد في سبيل الله- عز وجل- بأموالكم وأنفسكم، الله الله في الزّكاة، فإنّها تطفئ غضب الرّبّ، والله الله في ذرّيّة نبيكم محمد- صلى الله عليه وسلم- لا يظلمنّ بين ظهرانيكم، والله الله في أصحاب نبيكم- صلى الله عليه وسلّم- فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أوصى بأهل بيته وأصحابه، والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم، والله الله فيما ملكت أيمانكم ولا تخافنّ في الله لومة لائم، يكفكم الله- عز وجل- من أرادكم وبغي عليكم، وقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، كما أمركم الله- عز وجل-، ولا تتركوا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فيولىّ الأمر شراركم، ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لهم، وعليكم بالتّواصل والتّباذل، وإِيَّاكم والتَّدابُر والتَّقَاطع والتَّفَرُّق وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تَعَاوَنُوا على الإِثْم والعُدْوان، واتَّقُوا الله، إن الله شدِيدُ العِقَاب، حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ فيكم بيتكم (أستودعكم) [ (١) ] الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله، ولمّا احتضر جعل يكثر من قول رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: لا إله إلا الله لا يقول غيرها حتى قبض، وهو ابن ثلاث وستّين سنة على