وجدت عندنا جائزة جوزناك بها، إنا سفراء مرسلون قال: فناداه رجل من طائفة الناس، أنا أجوزه ففتح رحله فإذا هو يجمله بجائزة صفورية فوضعها في حجري، فقلت: من صاحب الجائزة؟
قيل لي: عثمان، ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: أيكم ينزل هذا الرّجل؟: فقال فتى من الأنصار:
أنا، فقام الأنصاري، وقمت معه، حتى إذا خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا أخا تنوخ، تعال تعالى، يا أخا تنوخ، فأقبلت أهوي حتّى كنت قائما في المجلس الّذي كنت بين يديه، فحلّ حبوته عن ظهره، وقال: ههنا امض لمّا أمرت له فجلت في ظهره فإذا خاتم النبوة في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة الضّخمة. قال محمد بن عمر: فانصرف الرّجل إلى هرقل، فذكر ذلك له فدعا قومه إلى التّصديق بالنبي- صلى الله عليه وسلّم- فأبوا حتى خالفهم عن ملكه، وهو في موضعه بحمص ثم لم يتحرك، ولم يزحف وكان الذي خبر النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه ودنوّه إلى أرض الشام بالجلاء، ولم يرد ذلك ولا همّ به. وذكر السهيلي- رحمه الله تعالى- أن هرقل أهدى لرسول الله- صلى الله عليه وسلّم- هديّة وفرقها على المسلمين، وأنّ هرقل أمر مناديا: ألا إن هرقل قد آمن بمحمد- صلّى الله عليه وسلم- واتّبعه فدخلت الأجناد في سلاحها، وطافت بقصره تريد قتله، فأرسل إليهم: إني أردتّ أن أختبر صلابتكم في دينكم، فقد رضيت عنكم فرضوا عنه، ثم كتب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- كتابا مع دحية يقول فيه-: إنّي مسلم ولكنّي مغلوب على أمري، فلما قرأ رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- كتابه، قال: كذب عدوّ الله، ليس بمسلم بل هو على النّصرانيّة.