قال مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار: كان الناس إذا أتى الناس مالكا خرجت إليهم الجارية فتقول لهم: يقول لكم سيدي تريدون الحديث أو المسائل؟ فإن قالوا المسائل، خرج إليهم، وإن قالوا الحديث، دخل مغتسله فاغتسل وتطيب ولبس ثيابا جددا ولبس ساجة- بسين مهملة فألف فجيم فهاء- طيلسان أخضر.
وقال الأزهري: وهو القور الذي ينسج مستديرا، وتعمّم ووضع على رأسه رداءه وتلقى له منصّة- بكسر الميم- أي شيئا مرتفعا يجلس عليه فيجلس عليها وعليه الخشوع، ولا يزال يبخّر بالعود حتى يفرغ من حديثه.
قال غيره: ولم يكن يجلس عليها إلا إذا حدّث عنه- صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن أبي أويس إسماعيل ابن أخت مالك: فقيل لمالك في ذلك، فقال: أحب أن أعظّم حديثه- صلى الله عليه وسلم- ولا أحدّث به إلّا على طهارة متمكّنا، وكان يكره أن يحدث في الطريق أو وهو قائم أو مستعجل.
وقال: أحبّ أن أفهم من أحدّثه حديثه- صلى الله عليه وسلم-.
قال ضرار بن مرّة- أبو سنان الشّيباني الكوفي-: كانوا- أي: من لقيتهم من التابعين كعبد الله بن شداد وأبو الأحوص بن سعيد بن جبير- يكرهون أن يحدثوا عنه- صلى الله عليه وسلم- علي غير وضوء.
وكان سليمان بن مهران الأعمش إذا حدّث- أي: أراد أن يحدث على غير وضوء تيمم.
وكان قتادة بن دعامة لا يحدث إلا على طهارة، ولا يقرأ إلا على وضوء.
قال عبد الله بن المبارك: كنت عند مالك وهو يحدثنا، فلدغته عقرب ست عشرة مرّة، ولونه يتغير ويصفرّ، ولا يقطع حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما فرغ من المجلس وتفرق عنه الناس قلت له: رأيت منك اليوم عجبا، قال: نعم، لدغتني عقرب ست عشرة مرة، [وأنا صابر في جميع ذلك] ، وإنما صبرت إجلالا لحديثه- صلى الله عليه وسلّم-.
قال ابن مهدي: مشيت يوما مع مالك إلى «العقيق» فسألته عن حديث فانتهرني، وقال لي: كنت في عيني أجل من أن تسألني عن حديث من حديثه- صلى الله عليه وسلّم- ونحن نمشي، وسأله جرير بن عبد الحميد عن حديث وهو قائم، فأمر بحبسه، فقيل له: إنه قاض فقال: القاضي أحق بالأدب.