للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طرفة عين، قول الله تعالى عنه إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ [الصافات ٨٥] ثم قال:

أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ [الشعراء ٧٥، ٧٦، ٧٧] وقال تعالى جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الصافات ٨٤] أي: من الشرك وقوله: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [إبراهيم ٣٥] .

قال أبو محمد بن حزم: الصحيح من ذلك أنه- عليه الصلاة والسلام- إنما قال ذلك توبيخا لقومه كما قال ذلك لهم في الكبير من الأصنام ولا فرق أنّهم كانوا على دين الصابئين] [ (١) ] يعبدون الكواكب ويصورون الأوثان على صورها وأسمائها في هياكلهم ويعيّدون لها الأعياد ويذبحون لها الذبائح ويقربون لها القرابين، ويقولون: إنها تقبل وتدبر، وتضر وتنفع، ويقيمون لكل كوكب منها شريعة محدودة، فوبخهم الخليل- صلى الله عليه وسلم- علي ذلك، وسخر منهم وجعل يريهم تعظيم الشمس، لكبر جرمها كما قال تعالى: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين ٣٤] فأراهم ضعف عقولهم في تعظيمهم لهذه الأجرام الجمادية، وبين لهم أنها مدبرة تنتقل في الأماكن، ومعاذ الله أن يكون الخليل أشرك قطّ أو شك أن الفلك بما فيه غير مخلوق، ويؤيد قولنا هذا أن الله تعالى لم يعاتبه على شيء ركونا ولا عنفه على ذلك، بل وافق مراد الله تعالى بما قال من ذلك وبما فعل، قاله الطوفي [ (٢) ] .


[ (١) ] ما بين المعكوفين سقط في أ.
[ (٢) ] لم يذكر بقية الفصول التي أشار إليها.