للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما أجابوا به فهو جوابنا عن المؤاخذة بأفعال السّهو والتأويل.

وقد قيل: إنّ كثرة استغفار النبي صلى الله عليه وسلّم وتوبته وغيره من الأنبياء على وجه ملازمة الخضوع والعبوديّة، والاعتراف بالتقصير، شكرا لله على نعمه، كما

قال- صلى الله عليه وسلم- وقد أمن من المؤاخذة مما تقدّم وتأخّر: «أفلا أكون عبدا شكورا» ! وقال: «إني أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتّقي» .

قال الحارث بن أسد: خوف الملائكة والأنبياء خوف إعظام وتعبّد لله، لأنهم آمنون.

وقيل: فعلوا ذلك ليقتدى بهم، وتستنّ بهم أممهم، كما

قال صلى الله عليه وسلم: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» .

وأيضا فإنّ في التوبة والاستغفار معنى آخر لطيفا أشار إليه بعض العلماء، وهو استدعاء محبّة الله، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة ٢٢٢] .

فإحداث الرسل والأنبياء الاستغفار والتوبة والإنابة والأوبة في كل حين- استدعاء لمحبّة الله! والاستغفار فيه معنى التّوبة، وقد قال الله لنبيّه- بعد أن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ [التوبة ١١٧] .

وقال تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً [النصر ٣] .