وأفتى أبو محمد بن أبي زيد بقتل رجل سمع قوما يتذاكرون صفة النبي صلى الله عليه وسلم إذ مرّ بهم رجل قبيح الوجه واللّحية، فقال لهم: تريدون تعرفون صفته، هي في صفة هذا المارّ في خلقه ولحيته. قال: ولا تقبل توبته.
وقد كذب- لعنه الله، وليس يخرج من قلب سليم الإيمان.
وقال أحمد بن أبي سليمان صاحب سحنون: من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسود يقتل.
وقال في رجل قيل له: لا، وحقّ رسول الله. فقال: فعل الله برسول الله كذا وكذا- وذكر كلاما قبيحا، فقيل له: ما تقول يا عدو الله؟ فقال أشدّ من كلامه الأول، ثم قال: إنما أردت برسول الله العقرب. فقال ابن أبي سليمان الذي سأله: اشهد عليه وأنا شريكك- يريد في قتله وثواب ذلك.
قال حبيب بن الربيع: لأنّ ادّعاءه التأويل في لفظ صراح لا يقبل، لأنه امتهان، وهو غير معزّز لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا موقّر له، فوجب إباحة دمه.
وأفتى أبو عبد الله بن عتّاب في عشّار قال لرجل: أدّ واشك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إن سألت أو جعلت فقد جهل وسأل النبي صلى الله عليه وسلم- بالقتل.
وأفتى فقهاء الأندلس بقتل ابن حاتم المتفقّه الطليطليّ وصلبه بما شهد عليه به من استخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم وتسميته إياه أثناء مناظرته باليتيم، وختن حيدرة، وزعمه أنّ زهده لم يكن قصدا، ولو قدر على الطيبات أكلها، إلى أشباه لهذا.
وأفتى فقهاء القيروان وأصحاب سحنون بقتل إبراهيم الفزاري، وكان شاعرا متفنّنا في كثير من العلوم، وكان ممّن يحضر مجلس القاضي أبي العباس بن طالب للمناظرة، فرفعت عليه أمور منكرة من هذا الباب في الاستهزاء بالله وأنبيائه ونبينا صلى الله عليه وسلم، فأحضر له القاضي يحيى بن عمر وغيره من الفقهاء، وأمر بقتله وصلبه، فطعن بالسكين، وصلب منكّسا، ثم أنزل وأحرق بالنار.
وحكى بعض المؤرخين أنه لمّا رفعت خشبته، وزالت عنها الأيدي استدارت، وحوّلته عن القبلة، فكان آية للجميع، وكبّر الناس، وجاء كلب فولغ في دمه، فقال يحيى بن عمر:
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وذكر حديثا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يلغ الكلب في دم مسلم.
وقال القاضي أبو عبد الله بن المرابط: من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم هزم يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، لأنه تنقّص، إذ لا يجوز ذلك عليه في خاصته، إذ هو على بصيرة من أمره، ويقين من عصمته.