للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه حزب فأمر بها فسويت، فصفوا النخل قبلة- أي: جعلت سواري في جهة القبلة- ليسقف عليها، وجعلوا عضادتيه حجارة.

وروى ابن عائد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- صلى فيه وهو عريش اثني عشر يوما ثم سقف.

وروى ابن زبالة ويحيى عن الحسن عن شهر بن حوشب قال: لما أراد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يبني مسجدا قال: ابنوا لي عريشا كعريش موسى ثمام وخشيبات وظلة كظلة موسى والأمر أعجل من ذلك، وقيل: وما ظلة موسى؟ قال: كان إذا قام أصاب رأسه السّقف.

وروى البيهقي عن الحسن قال: لما بنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المسجد أعانه عليه أصحابه، وهو معهم يتناول اللبن، حتى اغبرّ صدره، فقال: ابنوه عريشا كعريش موسى، فقيل للحسن: ما عريش موسى؟ قال: كان إذا رفع يده بلغ العريش، يعني السقف.

وقد روى في الصحيح أنه طفق ينقل معهم اللبن ترغيبا لهم، ويقول وهو ينقل اللبن:

هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر

ويقول:

لا همّ، إنّ الأجر أجر الآخره ... فارحم الأنصار والمهاجره

قال ابن شهاب: فتمثل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بشعر رجل من المسلمين وجعل الصحابة ينقلون الصخر وهم يرتجزون،

ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول معهم:

لاهمّ، لا خير إلّا خير الآخره ... فانصر الأنصار والمهاجره

ويذكر أن هذا البيت لعبد الله بن رواحة.

وعن الزهري- رحمه الله تعالى- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقول:

لاهمّ، لا خير إلّا خير الآخره ... فارحم المهاجرين والأنصار

وكان لا يقيم الشّعر وعمل المسلمون في ذلك ودأبوا فيه فقال قائل منهم:

لئن قعدنا والنّبيّ يعمل ... لذاك منّا العمل المضلّل

وكان عثمان رجلا متنظفا، وكان يحمل اللّبنة، فيجافي بها عن ثوبه، فإذا وضعها نفض كمّه ونظر.

[وروى ابن زبالة وغيره عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: بنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مسجده] [ (١) ] .


[ (١) ] ما بين المعكوفين سقط في أ.