قلت: جزم محمد بن حبيب الأخباري في تعدد سقوط العقد، سقط عقد عائشة في غزوة ذات الرّقاع، وفي غزوة بني المصطلق انتهى.
الثاني: ورد ما يدل على تأخر سقوط العقد، فروى ابن أبي شيبة عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: لما نزلت آية التيمم لم أدر كيف أصنع ... الحديث، فهذا يدل على تأخرها عن غزوة بني المصطلق، لأن إسلام أبي هريرة كان في السنة السابعة، وهي بعدها بلا خلاف كما تقدم في غزوة ذات الرقاع.
ومما يدل على تأخر القصة عن قصة الإفك ما رواه الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: لما كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا خرجت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة أخرى، فسقط أيضا عقدي حتى حبس الناس على الماء، فقال أبو بكر: يا بنيّة في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس، فأنزل الله تعالى الرخصة في التيمم فقال أبو بكر: إنك لمباركة.
في إسناده محمد بن حميد الرازي في إسناده مقال.
الثالث: النكتة في قول عائشة- رضي الله تعالى عنها-: فعاتبني أبو بكر- رضي الله تعالى عنه- ولم تقل: أبي لأن قضية الأبوة الحنو، وما وقع من العتاب بالقول، والتأنيب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر، فلذلك أنزلته منزلة الأجنبي فلم تقل: أبي.
الرّابع: استدل بهذا الحديث على أن الوضوء كان واجبا عليهم قبل نزول آيته، ولهذا استعظموا نزولهم على غير ماء. ووقع من أبي بكر في حق عائشة ما وقع.
قال أبو عمر: معلوم عند جميع أهل المغازي أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يصل منذ افترضت الصلاة عليه إلا بوضوء، ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند قال: وفي قوله [في هذا الحديث «آية التيمم» إشارة إلى أن الذي طرأ إليهم من العلم حينئذ حكم التيمم لا حكم الوضوء. قال:
والحكمة في نزول آية الوضوء- مع تقدم العمل به- ليكون فرضه متلوا بالتنزيل] . الخامس: إنما قال أسيد بن الحضير ما قاله، لأنه كان رأس من بعث في طلب العقد الذي ضاع، قوله: ما هي بأول بركتكم، يعني أنها مسبوقة بغيرها من البركات، والمراد بآل أبي بكر نفسه وأهله وأتباعه.
وفي رواية عمرو بن الحارث عند [البخاري] : «لقد بارك الله للناس فيكم» .
وفي تفسير [إسحاق البستي] من طريق عائشة عنها أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لها: ما كان كان أعظم بركة قلادتك.