النبي- صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعوده من قريب، وحسمه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالنار فانتفخت يده، فتركه فنزفه الدم، فحسمه أخرى فانتفخت يده، فلما رأى ذلك سعد قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقرّ عيني من بني قريظة، فاستمسك عرقه فما قطر منه قطرة حتى نزلوا على حكمه، فأرسل إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فحكم أن تقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم، يستعين بهم المسلمون، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لسعد: أصبت حكم الله فيهم، ثم دعا سعد فقال: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي من أن أجاهد فيك، من قوم كذبوا رسولك، وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فابقني لهم حي أجاهدهم فيك، وإن كنت قد وضعت الحرب فافجرها واجعل موتي فيها، فانفجرت من ليلته فلم ترعهم ومعهم في المسجد أهل خيمة من بني غفار إلا الدم يسيل إليهم، فقال: يا أهل الخيمة: ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد جرحه يغذو فمات منها- رحمه الله تعالى ورضي عنه-.
وروى الطبراني- برجال الصحيح- عن أسماء بنت يزيد قالت: لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ليرقأ دمعك، وليذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله له، واهتز له عرش الرحمن» .
وروى الطبراني بسند جيد عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: لما مات سعد بن معاذ بكى أبو بكر وبكى عمر حتى عرفت بكاء أبي بكر من بكاء عمر وبكاء عمر من بكاء أبي بكر فقلت لعائشة: هل كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يبكي؟ قالت: لا، ولكنه كان يقبض دمعه على لحيته.
وروى الطبراني بسند حسن عنها قالت: رجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من جنازة سعد بن معاذ ودموعه تحادر على لحيته.
وروى البيهقي عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال: جاء جبريل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: من هذا العبد الصالح الذي مات، ففتحت له أبواب السماء، وتحرك له العرش، فخرج فإذا سعد قد مات.
وروى أيضا عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سعد بن معاذ:«تحرك له العرش وتبع جنازته سبعون ألف ملك» .
وروى أيضا عن معاذ بن رفاعة الزرقي- رضي الله تعالى عنه- قال: أخبرني من شئت من رجال قومي أن جبريل أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- في جوف الليل معتجرا بعمامة من استبرق فقال