رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نعى النّجاشيّ في اليوم الذي مات فيه، وقال: توفي اليوم رجل من الحبشة اسمه أصحمة فهلمّ فصفوا. فصففنا، فصلى عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- وكبر عليه أربع تكبيرات، وقال: استغفروا لأخيكم.
وفيها تتابع الوفود، وكانت تسمى سنة الوفود.
وفيها إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أن لا يدخل على نسائه شهرا.
قال ابن حبيب: يقال إنه ذبح ذبحا فقسمته عائشة بين أزواجه، فأرسلت إلى زينب بنت جحش بنصيبها فردته، فقال: زيديها فزادت ثلاثا فقال: لا أدخل عليكن شهرا.
وفيها: بيع المسلمين أسلحتهم، وقالوا: انقطع الجهاد
فقال- صلى الله عليه وسلم-: لا ينقطع الجهاد حتى ينزل عيسى ابن مريم.
وفيها: جاء جبريل يعلم الناس دينهم.
فقيل: وفيها فرض الحج.
وفيها: أمر- صلى الله عليه وسلم- بهدم المسجد الضرار بعد عوده من تبوك.
روى بسند صحيح- عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن جبير أن موضع مسجد قباء كان لامرأة يقال لها: لية، كانت تربط حمارا لها فيه، فابتنى بها سعد بن أبي خيثمة، وبنو عمرو بن عوف مسجدا، وأرسلوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعوه ليصلي فيه، فأتاهم فصلى فيه فحسدتهم أخوالهم بنو عمرو بن عوف، فقالوا: نحن نصلي في مربط حمار لية لا، لعمر الله، ولكنا نبني مسجدا فنصلي فيه، ويجيء أبو عامر فيؤمنا فيه، وكان أبو عامر فرّ من الله ورسوله فلحق بمكة، ثم لحق بعد ذلك بالشام، فتنصّر فمات بها فبنوا مسجدا وأرسلوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلّة والحاجة، والليلة المطيرة وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: إني لعلى جناح سفر وحال وشغل، ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه، فلما قفل ونزل بذي أوان أنزل عليه فيه القرآن وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً [التوبة] .
فدعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وأخاه عاصم بن عدي، فقال: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه،
فانطلقوا مسرعين حتى أتوا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال مالك: انظروا حتى أخرج إليهم بنار من أهلي، فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل، فأشعل فيه نارا ثم خرجوا يشتدون حتى أتوا [المسجد وفيه أهله، فحرّقوه، وهدموه، وتفرّق أهله عنه، ونزل فيه من القرآن ما نزل وَالَّذِينَ