ذات يوم فلم يقل شيئا مرتين، أو ثلاثا فقلت: يا جارية دعي لي وسادة على الباب: فجلست عليها على طريقه وعصبت رأسي فمرّ بي وقال: «ما شأنك» ؟ فقلت: أشتكي رأسي! فقال: «بل أنا وا رأساه» ! ثم مضى فلم يلبث إلا يسيرا حتى جيء به محمولا في كساء فدخل عليّ وقال:
«وما عليك لو مت قبلي، فوليت أمرك وصليت عليك ودفنتك» فقلت: والله إني لأحسب أن لو كان ذلك، لقد خلوت ببعض نسائك في بيتي في آخر النهار فأعرست بها فضحك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم تمادى به وجعه وهو يدور على نسائه ثم استعزّ به وهو في بيت ميمونة» .
وروى البخاري نحوه.
وروى أبو يعلى والإمام أحمد- برجال ثقات- عنها قالت: ما مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على بابي قطّ إلّا قد قال كلمة تقرّ بها عيني قالت: فمر يوما فلم يكلمني ومرّ من الغد فلم يكلمني قالت: ومر من الغد فلم يكلمني، قلت: قد وجد على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في شيء:
فمرّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فنظر إليّ فقال:«ما لك يا عائشة» ؟ قالت: قلت يا رسول الله اشتكيت وصدّعت قال: «تقولين: وا رأساه، بل أنا وا رأساه» قالت فما لبث إلا قليلا حتى أتيت به يحمل في كساء قالت: فمرّضته ولم أمرّض مريضا قطّ ...
الحديث.
وروى ابن سعد عن عطاء بن يسار- رحمه الله تعالى- مرسلاً قال: أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقيل له: اذهب فصل على أهل البقيع، فذهب فصلى عليهم فقال: اللهم اغفر لأهل البقيع، ثم رجع فرقد فأتي فقيل له: اذهب فصل على الشهداء فذهب إلى أحد فصلى على قتلى أحد فرجع معصوب الرأس فكان بدء الوجع الذي مات فيه- صلى الله عليه وسلم-.
وروى أبو طاهر المخلص عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: جاء أبو بكر إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ائذن لي فأمرّضك فأكون الذي أقوم عليك فقال: «يا أبا بكر إني إن لم أجد أزواجي وبناتي علاجي ازدادت مصيبتي عليهم عظما، وقد وقع أجرك على الله.