للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليّ منك؟ قال: لا، قال اليهودي: أنشدك بالله من أرسلك إلينا؟ قال اللهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال اليهودي: الله إنك لتعلم أنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال له عمرو: اللهم نعم، قال اليهودي: إن كان ما تقول حقا لقد مات اليوم، ثم بلغ عمرو وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

وروى ابن سعد وأبو نعيم عن الحارث بن عبد الله الجهني قال: بعثني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن ولو أظن أنه يموت لم أفارقه فأتاني الحبر فقال إن محمدا قد مات قلت له: متى؟ قال: اليوم فلو أن عندي سلاحا لقتلته، فلم أمكث إلا يسيرا حتى أتى كتاب من أبي بكر بذلك فدعوت الحبر فقلت: من أين تعلم ذلك؟ فقال: إنه نبي نجده في الكتاب أنه يموت يوم كذا وكذا، قلت: وكيف، يكون بعده؟ قال: تستدير رحاكم إلى خمس وثلاثين سنة ما زاد يوما.

وروى ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: خرجت أريد الإسلام فلقيت ذا قربات الحميري، فقال لي: أين تقصد فأخبرته فقال لي: لئن كان نبيا إنه الآن لتحت التراب، فخرجت فإذا أنا براكب فقال: مات محمد.

وروى ابن عساكر عن أبي ذؤيب خويلد وقيل: ابن الحارث الهذلي قال: بلغنا أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عليل فاستشعرت حزنا، وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها، ولا يطلع نورها فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السّحر أغفيت فهتف بي هاتف وهو يقول:

خطب أجلّ أناخ بالإسلام ... بين النّخيل ومعقد الآطام

قبض النّبيّ محمّد فعيوننا ... تذري الدّموع عليه بالتّسجام

فوثبت من نومي فزعا فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذّابح فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب، وعلمت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد قبض وهو ميّت من علّته، فركبت ناقتي وسرت، فلما أصبحت طلبت شيئا أزجر به فعنّ شيهم- يعني القنفذ- وقد قبض على صل يعني الحية فهي تلتوي عليه والشّيهم يقضمها حتى أكلها، فزجرت ذلك وقلت: الشيهم شيء مهم والتواء الصّل التواء الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم أوّلت أكل الشيهم إياها غلبة القائم بعده على الأمر فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالغابة فزجرت الطائر، فأخبرني بوفاته ونعب غراب سانح، فنطق بمثل ذلك، فتعوذت بالله من شر ما عنّ لي في طريقي، وقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج إذا أهلّوا بالإحرام فقلت: مه؟ فقالوا:

قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا فأتيت بيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأصبت بابه مرتجا، وقيل: هو مسجّى وقد خلا به أهله.