للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عويم بن ساعدة» ]

[ (١) ] ومعن بن عديّ ويقال: إنه لما بكى الناس على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين توفّاه الله تعالى، وقالوا وددنا والله أن متنا قبله، إنا نخشى أن نفتن بعده، فقال معن: إني والله ما أحب أني متّ قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا، وقتل رحمه الله شهيدا يوم اليمامة، فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم، وقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار قالا: فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين، اقضوا أمركم قال: قلت: والله لنأتينّهم، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمّل فقلت: من هذا؟ فقالوا: سعد بن عبادة، فقلت: ما له؟ فقالوا: وجع فلما جلسنا نشهد خطيبهم، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط نبينا، وقد دفت إلينا دافّة من قومكم، قال: وإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، ويغصبونا الأمر، فلما سكت أردت أن أتكلّم، وقد زودت في نفسي مقالة قد أعجبتني، أريد أن أقدّمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الجدّ فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر فكرهت أن أعصبه، فتكلم وكان هو أعلم مني، وأوقر فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني كنت زورتها في نفسي إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل منها، حتى سكت.

وذكر ابن عقبة أن عمر أراد أن يتكلم ويسبق بالقول ويمهد لأبي بكر ويتهدد من هناك من الأنصار، وقال عمر: خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام، وعن ما أجد في نفسي من الشدة على من خالفنا، وزجره أبو بكر، فقال: على رسلك، فسيكثر الكلام إن شاء الله تعالى، ثم سوف تقول بعدي ما بدا لك فتشهد أبو بكر، وأنصت القوم ثم قال: بعث الله محمدا بالهدى ودين الله حق، فدعى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام فأخذ الله بقلوبنا ونواصينا، إلى ما دعانا إليه، فكنا معشر المهاجرين أوّل الناس إسلاما، ونحن عشيرته وأقاربه وذوو رحمه، فنحن أهل النبوة وأهل الخلافة وأوسط الناس أنسابا في العرب، ولدتنا كلها، فليس منا قبيلة إلا لقريش فيها ولادة، ولن تعترف العرب ولا تصلح إلا على رجل من قريش، هم أصبح الناس وجوها، وأبسطهم لسانا، وأفضلهم قولا، فالناس لقريش تبع، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، وهذا الأمر بيننا وبينكم قسمة إلا بثلمة، وأنتم يا معشر الأنصار إخواننا في كتاب الله، وشركاؤنا في الدين، وأحبّ الناس إلينا، وأنتم الذين آووا ونصروا، وأنتم أحق الناس بالرضا بقضاء الله والتسليم لفضيلة ما أعطى الله إخوانكم من المهاجرين، وأحق الناس ألا تحسدوهم على خير أتاهم الله إياه وأما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن تعرف العرب هذا الأمر، إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسباً ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين،


[ (١) ] ما بين المعكوفين سقط في ب.