في أحد المساجد الثلاثة أنه يلزمه إتيانها دون غيرها، وأما إتيان قباء وغيرها من مواضع الرباط فلا بأس بإتيانها بدليل حديث قباء هذا.
وقال العلامة ابن جملة: وهذا الذي ذكره هو الحق الذي لا محيد عنه، ولهذا تجد الأئمة من الفقهاء والمحدثين يذكرون الحديث في باب النّذر، والسفر للجهاد، وتعلم العلم الواجب، وبر الوالدين، وزيارة الإخوان والتفكير في آثار صنع الله كله مطلوب للشارع وجوبا واستحبابا والسفر للتجارة والأعراض الدنيوية جائز، وكله خارج من هذا الحديث، فلم يبق إلا شد الرحل للمعصية وحينئذ هو الممنوع، ولا يختص المنع بشد الرحل باستحسان الله، أيكون السفر لزيارة النبي- صلى الله عليه وسلم- من هذا القسم لقد اجترأ على الله وعلى رسوله من قال هذا، وهو كلام يدور حول الاستهانة وسوء الأدب في إطلاقه ما يقتضي كفر قائله نعوذ بالله من الخذلان، وكذلك ليس
قوله- صلى الله عليه وسلم- «لا تتخذوا قبري عيدا وتجعلوا بيوتكم صورا»
ما يعارض ما تقدّم، لأن سياقه يقتضي دفع توهم من توّهم أن الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- لا تكون مؤثّرة إلا عند قبره فيفوت بسبب ذلك ثواب الصّلاة عليه من بعد، ولهذا قال- صلى الله عليه وسلم-: «صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم» .
ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في جواز السفر وشد الرحل، لغرض دنيوي كالتجارة، فإذا جاز ذلك فهذا أولى، لأنه من أعظم الأغراض الأخروية فإنه في أصله من الآخرة لا سيما في هذا الموضع، ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في جواز السفر وشدّه.