للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مناما، وإنما المراد الإفاقة ممّا خامر من عجائب الملكوت.

قلت: وفي حديث أبي أسيد حين جاء بانه إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليحنّكه فوضعه على فخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- واشتغل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالحديث مع النّاس فرفع أبو أسيد ابنه ثم استيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلم يجد الصّبيّ فسأل عنه فقالوا: رفع فسماه الراوي استيقاظا.

وفي حديث عائشة في ذهاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف فكذّبوه، قال: فرجعت مهموما، فلم أستفق إلّا ب «قرن الثّعالب» أي: أفاق مما كان فيه والله تعالى أعلم.

الخامس: قال الشيخ: إن الرّدّ للرّوح يستلزم الاستمرار، لأن الزمان لا يخلو ممن يصلي عليه في أقطار الأرض.

السّادس: قد يقال: أوحى الله إليه بهذا الأمر أولا قبل أن يوحى إليه فإنه لا يزال حيّا في قبره فأخبره به أوحى إليه بعد ذلك فلا منافاة بتأخير الخبر الثاني عن الأوّل.

قلت: وهذا يحتاج إلى نقل، والله تعالى أعلم.

السّابع: قال الشيخ تاج الدين الفاكهاني في كتابه «الفجر المنير [فيما فضل به البشير النذير» ] : المراد بالروح هنا النّطق مجازا فكأنه- صلى الله عليه وسلم- قال: إلا ردّ الله إليّ نطقي وهو حيّ على الدوام، لكن لا يلزم من حياته نطقه، فالله سبحانه وتعالى يردّ عليه النطق عند سلام كل مسلّم، وعلاقة المجاز أن النّطق من لازمه وجود الروح، كما أن الروح من لازمه وجود النّطق بالفعل والقوة، فعبّر- عليه الصلاة والسلام- بأحد المتلازمين عن الآخر، وفي تحقيق ذلك أن عود الروح لا يكون إلا مرتين عملا بقوله تعالى: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ [غافر: ١١] قال الشيخ رحمه الله تعالى: في كلامه أمران:

أحدهما: أنّه عزى الحديث للتّرمذي وإنما رواه أبو داود.

الثاني: ظاهر كلامه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- مع كونه حيّا في البرزخ يمنع عنه النّطق في بعض الأوقات، ويرد عليه عند سلام المسلّم عليه، وهذا بعيد جدّا بل ممنوع فإن العقل والنقل يشهدان بخلافه.

أما النّقل فإن الأخبار الواردة عن حاله وحال الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- في البرزخ مصرّحة بأنهم ينطقون كيف يشاءون لا يمنعون من شيء بل وسائر المؤمنين كذلك، والشهداء وغيرهم ينطقون في البرزخ بما شاءوا غيره من شيء ولم يرد أن أحدا يمنع من النطق في البرزخ إلا من مات عن غير وصيّة.

وروى أبو الشيخ ابن حبان في كتاب «الوصايا» : عن قيس بن قبيصة قال: قال