للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحب إلي أن أصل قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال، فإنّي لم أك فيها عن الحقّ وإنّي لم أكن لأترك فيها أمرا رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصنعه فيها إلا صنعته.

وروى ابن سعد- برجال ثقات- سوى الواقديّ- عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال: «لمّا كان اليوم الذي توفي فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بويع لأبي بكر في ذلك اليوم فلما كان من الغد جاءت فاطمة لأبي بكر معها عليّ فقالت: ميراثي من رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو بكر- رضي الله تعالى عنه-: أمن الرثة أو من العقد قالت: فدك وخيبر وصدقاته بالمدينة، أرثها كما يرثك بناتك إذا متّ، فقال أبو بكر: أبوك والله خير منّي وأنت والله خير من بناتي، وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا نورث ما تركنا صدقة» ، يعني هذه الأموال القائمة، فتعلمين أن أباك أعطاكها فو الله، لئن قلت: نعم لأقبلنّ قولك، ولأصدقنّك قالت: جاءتني أمّ أيمن فأخبرتني أنه أعطاني فدك، قال عمر: فسمعته يقول: هي لك فإذا قلت قد سمعته فهي لك، فأنا أصدقك، وأقبل قولك، قالت قد أخبرتك ما عندي.

وروى ابن سعد عن جعفر قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر، تطلب ميراثها، وجاء العباس بن عبد المطلب يطلب ميراثه وجاء معهما علي

فقال أبو بكر: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا نورث ما تركنا صدقة» وما كان النبي يعول فعليّ فقال علي: وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ [النمل: ١٦] وقال زكريا: يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم: ٦] قال أبو بكر: هو هكذا، وأنت الله أعلم مثل ما أعلم فقال عليّ: هذا كتاب الله ينطق فسكتوا وانصرفوا.

وروى عبد الرزاق والإمام أحمد وعبد بن حميد والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو عوانة وابن حبان وابن مردويه والبيهقيّ وأبو عبيد في «الأموال» عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: أرسل إلى عمر بن الخطاب حجبته فجاء يرفأ فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد قال: نعم، ثم جاء، فقال: هل لك في عبّاس وعليّ؟ قال: نعم، فدخلوا، قال عمر: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا نورث ما تركنا صدقة» ، فقالوا: نعم، فأقبل على عبّاس وعليّ فقال: أنشدكما بالله الذي تقوم السماء والأرض بإذنه، أتعلمان أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا نورث ما تركنا صدقة» قال: نعم، قال عمر: فإنّ الله كان خصّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بخاصّة لم يخصص بها أحدا غيره قال: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى [الحشر: ٧] فقسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بينكم أموال بني النضير، فو الله، ما أستأثر عليكم، ولا آخذها دونكم حتى بقي هذا المال، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأخذ منه نفقة سنة