وروى يحيى بن الحسن العلويّ، عن ابن أبي فديك- رضي الله تعالى عنه- قال:
سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:
٥٦] صلى الله على سيدنا محمّد وسلم.
وفي رواية: صلى الله عليك يا رسول الله، يقولها سبعين مرّة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان، لم يسقط لك اليوم حاجة، وينبغي تقديم ذلك على التوسل والدعاء.
قال المجد اللغوي: وروينا عن الأصمعي قال: وقف أعرابي مقابل قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: اللهم إن هذا حبيبك، وأنا عبدك، والشّيطان عدوّك، فإن غفرت لي سرّ حبيبك، وفاز عبدك، وغضب عدوّك، وإن لم تغفر لي غضب حبيبك، ورضي عدوّك، وهلك عبدك وأنت أكرم من أن تغضب حبيبك، وترضي عدوّك وتهلك عبدك، اللهمّ إنّ العرب الكرام إذا مات منهم سيّد أعتقوا على قبره، وإنّ هذا سيّد العالمين فأعتقني على قبره.
قال الأصمعي: فقلت: يا أخا العرب، أن الله تعالى قد غفر لك، وأعتقك بحسن هذا السّؤال.
قال المجد: ويجلس الزّائر إن طال القيام فيه، فيكثر من الصلاة والتسليم على سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ويأتي بأتم أنواع الصلوات وأكمل كيفياتها، والاختلاف في ذلك مشهور.
قال: والذي أختاره لنفسي، اللهم صل على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه، الصلاة الماثورة التي أجاب بها السائل عن كيفية الصلاة عليه، عدد ما خلقت، وعدد ما أنت خالق، وزنة ما خلقت، وزنة ما أنت خالق، وملأ ما خلقت، وملأ ما أنت خالق وملأ سماواتك، وملأ أرضك، ومثل ذلك، وأضعاف ذلك وعدد خلقك، وزنة عرشك، ومنتهى رحمتك، ومداد كلماتك ومبلغ رضاك حتّى ترضى، وعدد ما ذكرك به خلقك فيما مضى، وعدد ما هم ذاكروك فيما بقي، في كل سنة وشهر وجمعة ويوم وليلة وساعة من الساعات، ولحظة من اللحظات، ونفس ولمحة، وطرفة من الأبد إلى الأبد، أبد الدنيا وأبد الآخرة، وأكثر من ذلك، لا ينقطع أولاه، ولا ينفذ أخراه، ثم يقول ذلك مرة، أو ثلاث مرات.
ثم يقول: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيّدنا محمّد، كذلك قال النووي: ثم يتقدّم- يعني بعد فراغ الدعاء والتوسل قبالة الوجه الشريف- إلى رأس القبر، فيقف بين القبر والأسطوانة التي هناك، ويستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويمجده، ويدعوا لنفسه بما أهمّه وما أحبّه، ولوالديه ولمن شاء من أقاربه وأشياخه وإخوانه ولسائر المسلمين.