كرامة تحصل لهم إنما تحصل لهم يوم الجمعة، وهو بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنّة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو عيد لهم في الدنيا، وهذا كله عرفوه وحصل لهم بسببه- صلى الله عليه وسلم- وعلى يده، فمن حمده وشكره وأداء القليل من حقّه- صلوات الله وسلامه عليه- أن يكثر عليه من الصلاة في هذا اليوم وليلته» .
الثاني: إن قيل: ما الحكمة في
قوله «إنّ الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء»
والبلاغ بعد الموت لا تعلّق له بالأجساد والأرواح؟
قيل: لما كان البيان لكلام ما اختص به بعد الموت من البلاغ أردفه بيان خصوصية أخرى له ولغيره من الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم-، وهي أن الأرض لا تأكل أجسادهم.
الثالث: قوله «ربّ هذه الدّعوة» أي: صاحبها الذي يشرعها.
وقوله: «التّامّة» قال التوربشتي: إنما وصفها بالتّمام، لأنها ذكر الله تعالى، يدعى بها إلى عبادة، وهذه الأشياء وما والاها هي التي تستحق صفة الكمال والتمام، وما سوى ذلك من أمور الدنيا بمعرض النقص والفساد، ويحتمل أنها وصفت بالتمام، لكونها محميّة عن النّسخ والإبدال، باقية إلى يوم التناد.
وقال بعضهم: معنى أنها تامة: أنها جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على ترغيبه في العقليات والسمعيات، لما فيه من إثبات التنزيه، والتوحيد، ونفي الشرك، وإثبات النبوة والرسالة، والدعاء إلى العبادات والصلاح.
وفيها إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء.
وقوله: «الصّلاة القائمة» أي الدائمة التي لا تغيّرها ملة ولا تنسخها شريعة.
وقوله: «الوسيلة» أي: بالقرب، وسبب الوصول إلى أبلغية، وتوسّل الرجل إذا طلب الدّنوّ، وتطلق على المنزلة العلية كما
قال- عليه الصلاة والسلام-: «فإنّها منزلة من الجنّة» .
وقوله: «لا تنبغي إلّا لعبد من عباد الله»
أي: مختص بها دون غيره، وذكرها بلفظ الرجاء، وإن كان ذلك له قطعا أدبا وإرشادا، أو تعظيما لأمته وتذكيرا بالخوف، وتفويضا إلى الله تعالى بحسب مشيئته، ليكون الطالب للشّيء بين الرجاء والخوف.
وفي رواية: سؤله، وهي بسين مهملة مضمومة فهمزة ساكنة- أي حاجته وهو ما يسأله الشخص، والمراد الشفاعة العظمى والدرجة العالية، والمقام المحمود، والحوض المورود، ولواء الحمد، ودخول الجنة قبل الخلائق إلى غير ذلك، بما أعد الله له من الكرامة في ذلك اليوم.
«والفضيلة» معناها ظاهر.
وقوله: «والمقام المحمود الّذي وعدته»
أي بقوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً