للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني:

وقع في زيادات المسند لعبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل [ (١) ] ، عن علي رضي اللَّه تعالى عنه: أبيض شديد الوضح.

وفي حديث أبي هريرة عند البزار ويعقوب بن سفيان بسند قوي: كان صلى الله عليه وسلم شديد البياض. وهذا مخالف لقول أنس أول الباب: وليس بالأمهق. ولرواية مسلم عنه: أبيض مشرباً بحمرة: وهما أصح منهما. ويمكن الجمع بحمل ما ذكر على ما تحت الثياب مما لا يلقى الشمس.

الثالث: وقع عند أبي زيد المروزيّ أحد رواة الصحيح عن أنس: أمهق ليس بالأبيض واعترض الداودي الشارح هذه الرواية. وقال القاضي إنها وهم. وقال: لعل الصحيح رواية من روى أنه ليس بالأبيض ولا بالآدم.

قال الحافظ: وهذا ليس بجيد لأن المراد أنه ليس بالأبيض الشديد البياض ولا الآدم الشديد الأدمة وإنما يخالط بياضه الحمرة. والعرب قد تطلق على من كان كذلك أسمر.

ولهذا جاء في حديث أنس أي السابق: كان صلى الله عليه وسلم أسمر.

قال الحافظ: وتبين من مجموع الروايات أن رواية المروزي: «أمهق ليس بالأبيض» مقلوبة على انه يمكن توجيهها بأن المراد بالأمهق الأخضر اللون الذي ليس بياضه في الغاية ولا سمرته ولا حمرته. فقد نقل عن رؤبة أن المهق خضرة الماء فهذا التوجيه على تقدير ثبوت الرواية وقد جاء في عدة طرق أنه صلى الله عليه وسلم كان أبيض.

الرابع: نقل القاضي عن أحمد بن أبي سليمان صاحب سحنون رحمهما اللَّه تعالى أن من قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أسود. يقتل. انتهى.

قال بعضهم: وهذا يقتضي أن مجرد الكذب عليه في صفة من صفاته كفر يوجب القتل. وليس كذلك، بل لا بد من ضميمة ما تشعر بنقص كما في مسألتنا هذه فإن السواد مفصول.

الخامس: في بيان غريب ما سبق: الأزهر: الأبيض المستنير المشرق وهو أحسن الألوان أي ليس بالشديد البياض.

الآدم: الشديد السمرة.

الأمهق: الشديد البياض الذي لا يخالطه شيء من الحمرة وليس بنير كلون الجص أو نحوه.


[ (١) ] عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أبو عبد الرحمن، ولد الإمام، ثقة، من الثانية عشرة مات سنة تسعين، وله بضع وسبعون [انظر التقريب ١/ ٤٠١.]