وهو الموافق لقول غيره من أهل اللغة. ولا جمع بين رواية:(فوق الجمعة، ودون الوفرة) وهي عند الترمذي، والعكس رواية أبي داود وابن ماجة، وهي الموافقة لقول أهل اللغة، إلا على المحمل الذي تؤول عليه رواية الترمذي، وذلك أنه قد يراد بقوله:«دون» بالنسبة إلى محل وصول الشعر. فرواية الترمذي محمولة على هذا التأويل: أن شعره كان فوق الجمة أي أرفع في المحل. فعلى هذا يكون شعره لمة، وهو ما بين الوفرة، والجمعة، وتكون رواية أبي داود وابن ماجة معناها:«كان شعره فوق الوفرة» أي أكثر من الوفرة ودون الجمة أي في الكثرة.
وعلى هذا فلا تعارض بين الروايتين. فروى كل راو ما فهمه من الفوق والدون.
وقال القاضي: والجمع بين هذه الروايات أن ما يلي الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه والذي يلي أذنيه وعاتقيه وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه. وقيل بل لاختلاف الأوقات فإذا غفل عن تقصير شعره بلغ المنكب وإذا قصره كان إلى أنصاف أذنيه فكان يقصر ويطول بحسب ذلك.
الثاني: قال ابن القيم رحمه اللَّه تعالى في زاد المعاد: لم يحلق صلى الله عليه وسلم رأسه الشريف إلا أربع مرات. ولهذا مزيد بيان في أبواب زينته صلى الله عليه وسلم ويأتي الكلام على ما شاب من شعره صلى الله عليه وسلم في الباب التاسع.
الثالث:
روى ابن عساكر من طريقين غير ثابتين عن علي رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: كان شعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبطا.
وقد تقدم من طريق صحيحة أنه لم يكن بالسبط ولا بالجعد القطط.
الرابع: قال ابن أبي خيثمة في تاريخه: إنما جعل شعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورأسه غدائر أربعا ليخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها ويخرج الأذنان بياضهما من بين تلك الغدائر كأنهما توقد الكواكب الدرية بين سواد شعره وكان أكثر شيبه صلى الله عليه وسلم في الرأس في فودي رأسه، والفودان خرفا الفرق، وكان أكثر شيبه صلى الله عليه وسلم في لحيته فوق الذقن وكان شيبه كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه، إذا مس ذلك الشيب الصفرة- وكان كثيرا ما يفعل- صار كأنه خيوط ذهب يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه.
الخامس: في بيان غريب ما سبق.
الهامة- بالتخفيف: الرأس.
رجل الشعر- بفتح الراء وكسر الجيم وفتحها وسكونها، ثلاث لغات ذكرها في المفهم لا شديد الجعودة ولا شديد السبوطة بل بينهما. قال القرطبي: وكان شعره صلى الله عليه وسلم بأصل الخلقة مسرحا.