الذي يتبين فيه السرور هو جبينه وفيه يظهر السرور، وكأن الشبه وقع على بعض الوجه فناسب أن يشبه ببعض القمر.
وقال في المغازي في قصة توبة كعب: ويسأل عن السر في التقييد بالقطعة مع كثرة.
ما ورد في كلام البلغاء من تشبيه الوجه بالقمر بغير تقييد. وقد تقدم تشبيههم له بالشمس طالعة وغير ذلك. وكان كعب قائل هذا من شعراء الصحابة وحاله في ذلك مشهور، وما قيل في ذلك من الاحتراز من السواد الذي في القمر ليس بقوي، لأن المراد بتشبيهه ما في القمر من الضياء والاستنارة وهو في تمامه لا يكون فيها أقل مما في القطعة المجردة. ويحتمل أن يكون أراد بقوله «قطعة قمر» القمر نفسه.
وقد روى الطبراني حديث كعب بن مالك من طرق في بعضها: «كأنه دارة قمر» .
وروى النسائي عن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه في قصة صلاة النبي صلى اللَّه عليه وسلم يوم بدر وسؤاله ربه تبارك وتعالى قال: ثم التفت إلينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان شقة وجهه القمر فقال: هذه مصارع القوم العشية.
ووقع في حديث جبير بن مطعم عند الطبراني: التفت إلينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بوجهه مثل شقة القمر. فهذا محمول على صفته صلى اللَّه عليه وسلم عند الالتفات.
الثاني: هذه التشبيهات الواردة في صفاته صلى اللَّه عليه وسلم إنما هي على عادة الشعراء والعرب، وإلا فلا شيء من هذه المحدثات يعادل صفاته صلى اللَّه عليه وسلم.
ويرحم اللَّه تعالى القائل حيث قال:
كالبدر والكاف إن أنصفت زائدة ... فلا تظننها كافا لتشبيه
ويرحم اللَّه تعالى القائل أيضاً:
يقولون يحكي البدر في الحسن وجهه ... وبدر الدجى عن ذلك الحسن منحط
كما شبهوا غصن النقا بقوامه ... لقد بالغوا بالمدح للغصن واشتطوا
وقد تقدم في أبيات سيدي على وفا إشارة إلى هذا.
الثالث: قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية رحمه اللَّه تعالى: كان وجه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مستديرا فأراد البراء أن يزيل ما توهمه القائل من معنى الطول الذي في السيف إلى معنى الاستدارة التي في القمر، لأن القمر يؤنس كل من شاهده ويجمع النور من غير أذى حر ويتمكن من النظر إليه بخلاف الشمس التي تعشي البصر فتمنع من الرؤية.
وقال الحافظ في الفتح: ويحتمل أن يكون أراد مثل السيف في اللمعان والصقالة فقال