للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمه اللَّه تعالى: الحكمة في شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم مع القدرة على أن يمتلئ قلبه إيمانا وحكمة من غير شق: الزيادة في قوة اليقين لأنه أعطي برؤية شق بطنه وعدم تأثره بذلك ما أمن معه من جميع المخاوف العادية، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس حالا ومقالا ولذلك وصف بقوله تعالى: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى [النجم ١٧] .

السادس: اختلف: هل كان شق الصدر وغسله مختصا به صلى الله عليه وسلم أو وقع لغيره؟ صحح الشيخ رحمه اللَّه تعالى عدم المشاركة. وسيأتي في الخصائص أن الصحيح المشاركة.

السابع: في الحكمة في تكرره. قال الحافظ رحمه اللَّه تعالى، بعد أن ذكر الأولى والثالثة والرابعة: ولكل من الثلاث حكمة، فالأولى كان في زمن الطفولية لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان، ثم عند المبعث زيادة في الكرامة ليتلقى ما يلقى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع عند إرادة العروج إلى السماء ليتأهب للمناجاة.

قلت: وسكت عن حكمه المرة الثانية مع ذكره للمرة الثانية في كتاب التوحيد جازما بها ويحتمل أن يقال لما كان العشر قريبا من سن التكليف شق صدره صلى الله عليه وسلم وقدس حتى لا يلتبس بشيء مما يعاب على الرجال. واللَّه تعالى أعلم.

قال الحافظ رحمه اللَّه تعالى: ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما هي في شرعه صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن أبي جمرة رحمه اللَّه تعالى: وإنما غسل قلبه صلى الله عليه وسلم وقد كان مقدسا وقابلا لما يلقى فيه من الخير. وقد غسل أولا وهو صغير السن وأخرجت منه العلقة إعظاما وتأهبا لما يلقى هناك. يعني في المعراج. وقد جرت الحكمة بذلك في غير ما موضع مثل الوضوء للصلاة لمن كان متوضئا لأن الوضوء في حقه إنما هو إعظام وتأهب للوقوف بين يدي اللَّه تعالى ومناجاته. وكذلك أيضاً الزيادة على الواحدة والثنتين إذا أسبغ بالأولى لأن الإجزاء قد حصل وبقي ما بعد الإسباغ إلى الثلاث عظاما لما يقدم عليه. وكذلك غسل الباطن هنا وقد قال تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج ٣٢] فكان الغسل له صلى الله عليه وسلم من هذا القبيل وإشارة لأمته بالفعل بتعظيم الشعائر كما نص عليه بالقول.

وقال البرهان النعماني رحمه اللَّه تعالى في سراجه: قد سن لداخل الحرم الشريف الغسل، فما ظنك بداخل الحضرة المقدسة؟! فلما كان الحرم الشريف من عالم الملك وهو ظاهر الكائنات أنيط الغسل له بظاهر البدن في عالم المعاملات، ولما كانت الحضرة القدسية من عالم الملكوت وهو باطن الكائنات أنيط الغسل بباطن البدن في التحقيقات، وقد عرج به صلى الله عليه وسلم لتفرض عليه الصلاة وليصلي بملائكة السموات، ومن شأن الصلاة الطهور فقدس ظاهرا وباطنا.