عن محمد بن كعب القرظى مرسلا وسنده ضعيف لا تقوم به حجة. وروى أيضا عن داود بن أبي عاصم نحوه وهو معضل وسنده ضعيف لا تقوم به حجة.
ثم إن هذا السبب مردود بوجوه أخرى من جهة الأصول والبلاغة وأسرار البيان، وذلك أن الآيات من قبل هذه الآيات ومن بعدها كلها في اليهود من قوله تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة ٤٠] إلى قوله: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ واختتمت القصة بمثل ما صدرت به وهو قوله يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ الآيتين فتبين أن المراد بأصحاب الجحيم كفار أهل الكتاب وقد ورد ذلك مصرحا به في الأثر. روى عبد بن حميد والفريابي عن مجاهد قال: من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين، ومن أربعين آية إلى عشرين ومائة في بني إسرائيل.
ومما يؤيد ذلك أن السورة مدنية وأكثر ما خوطب فيها اليهود، ويرشح ذلك من حيث المناسبة أن الجحيم اسم لما عظم من النار كما هو مقتضى اللغة والآثار، روى ابن جرير عن مالك في الآية قال: الجحيم اسم لما عظم من النار.
وروى ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله تعالى لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ قال:
أولها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم، ثم الهاوية. قال: والجحيم فيها أبو جهل.
إسناده صحيح.
فاللائق بهذه المنزلة من عظم كفره واشتد وزره وعاند عند الدعوة، وبدل وحرف وجحد بعد علم، لا من هو بمظنة التخفيف.
وإذا كان قد صح في أبي طالب أنه أهون أهل النار عذابا لقرابته منه صلى الله عليه وسلم وبره به، مع إدراكه الدعوة وامتناعه من الإجابة وطول عمره، فما ظنك بأبويه اللذين هما أشد منه قربا وآكد منه حبا، وأبسط عذرا وأقصر منه عمرا؟ فمعاذ اللَّه أن يظن بهما أنهما في طبقة الجحيم وأن يشدد عليهما العذاب العظيم هذا لا يفهمه من له أدنى ذوق.
حديث: أنه صلى الله عليه وسلم استغفر لأمه فضرب جبريل في صدره وقال لا تستغفر لمن مات مشركا.
رواه البزار وفي سنده من لا يعرف فلا تقوم به حجة.
وأما ما يروى في سبب نزول قوله تعالى ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [التوبة: ١١٣] من أن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر لأمه فنزلت الآية. فرواه الحاكم عن ابن