فما رجعوا حتى رأوا من محمد ... أحاديث تجلو رين كل فؤاد
وحتى رأوا أحبار كل مدينة ... سجودا له من عصبة وفراد
زبيرا وتماما وقد كان شاهدا ... دريس فهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولا بحيرا فأيقنوا ... به بعد تكذيب وطول بعاد
كما قال للركب الذين تهودوا ... وجاهدهم في اللَّه حق جهاد
وقال ولم يترك له النصح رده ... فإن له أرصاد كل مضاد
فإني أخاف الحاسدين وإنه ... لفي الكتب مكتوب بأي مداد
ومنها:
ألم ترني من بعد هم هممته ... بفرقة حر الوالدين كرام
بأحمد لما أن شددت مطيتي ... برحلي وقد ودعته بسلام
بكى حزنا والعيس قد فصلت بنا ... وأمسك بالكفين فضل زمام
ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة ... بحورا من العينين ذات سجام
فقلت تروح راشدا في عمومة ... مواسين في البأساء غير لئام
فرحنا مع العير الّتي راح أهلها ... شام الهوى والأصل غير شام
فلما هبطنا أرض بصرى تشرفوا ... لنا فوق دور ينظرون جسام
فجاء بحيرا عند ذلك حاشدا ... لنا بشراب طيب وطعام
فقال اجمعوا أصحابكم لطعامنا ... فقلنا جمعنا القوم غير غلام
يتيما فقال ادعوه إنَّ طعامنا ... كثير عليه القوم غير حرام
فلما رآه مقبلا نحو داره ... توقيه حر الشمس ظل غمام
حنى رأسه شبه السجود وضمه ... إلى نحره والصدر أي ضمام
وأقبل ركب يطلبون الذي رأى ... بحيرا من الأعلام وسط خيام
فثار إليهم خشية لغرامهم ... وكانوا ذوي مكر معا وغرام
دريس وتمام وقد كان فيهم ... زبير وكل القوم غير نيام
فجاءوا وقد هموا بقتل محمد ... فردهم عنه بحسن خصام
بتأويله التوراة حتى تفرقوا ... فقال لهم ما أنتم بطغام