للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعل حتى تتابعوا على ذلك فمات الآباء فقال الأبناء ما اتخذ هذه آباؤنا إلا أنها كانت آلهتهم.

فعبدوها.

وروى عبد بن حميد عن محمد بن كعب القرظى في قوله تعالى وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً [نوح ٢٣] قال: كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح فنشأ قوم بعدهم يأخذون في العبادة فقال لهم إبليس: لو صوّرتهم صورهم فكنتم تنظرون إليهم. فصوروا ثم ماتوا فنشأ قوم بعدهم فقال إبليس: إن الذين كانوا من قبلكم كانوا يعبدونها فعبدوها.

وروى أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن كعب القرظي قال كان لآدم خمسة بنين ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، فكانوا عبادا، فمات رجل منهم فحزنوا عليه حزنا شديدا فجاءهم الشيطان فقال: حزنتم على صاحبكم هذا؟ قالوا نعم. قال: هل لكم أن أصور لكم مثله في قبلتكم إذا نظرتم إليه ذكرتموه؟ قالوا: نكره أن تجعل لنا في قبلتنا شيئاً نصلي إليه. قال فأجعله في مؤخر المسجد؟ قالوا: نعم. فصوره لهم حتى مات خمستهم فصور صورهم في مؤخر المسجد، فتنقضت الأشياء حتى تركوا عبادة اللَّه تعالى وعبدوا هؤلاء، فبعث اللَّه تعالى نوحا فقالوا «لا تذرن آلهتكم» إلى آخر الآية.

وروى عبد بن حميد عن أبي جعفر بن يزيد بن المهلب قال: كان ود رجلا مسلما وكان محببا في قومه فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان ثم قال: أرى جزعكم على هذا فهل لكم أن أصور مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟ قالوا: نعم فصوّر لهم مثله فوضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه فلما رأى ما بهم من ذكره قال: هل لكم أن أجعل في منزل كل رجل منكم تمثالا فيكون في بيته فيذكر به؟ قالوا: نعم. فمثل لكل أهل بيت تمثالا مثله فجعلوا يذكرونه به وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون اللَّه تعالى فكان أول من عبد من دون اللَّه ود، الصنم الذي سموا بود.

وروى البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح تعبد، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي كلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم.

ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت فلما كان أيام الطوفان دفنها الطين والتراب والماء فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان إلى مشركي العرب.