على موضع زمزم ينحرون عندهما، وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم وهو إساف بن بغي. قالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها: ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة كانا رجلا وامرأة من جرهم أحدثا في جوف الكعبة فمسخهما اللَّه حجرين.
رواه ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه من دون اللَّه فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره، فإذا قدم من سفره تمسح به فكان أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله، فلما بعث اللَّه سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قالت قريش: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ [ص ٥] .
وذكر ابن إسحاق وغيره كثيرا من أسماء أصنام العرب. ولم أذكر ذلك إذ لا فائدة في ذكرها وذكرت منها ما سمي في القرآن العزيز مع زيادة.
تنبيه: قال الواقدي: كان ود على صورة رجل، وسواع على صورة امرأة، ويغوث على صورة أسد، ويعوق على صورة فرس، ونسر على صورة طائر.
قال في الفتح: وهذا شاذ، والمشهور أنهم كانوا على صورة البشر، وهو مقتضى الآثار في سبب عبادتها.
وقال المسعودي في مروج الذهب. كان كثير من أهل الهند والصين وغيرهم من الطوائف يعتقدون أن اللَّه تعالى جسم وأن الملائكة أجسام لها تمام وأن اللَّه تعالى احتجب بالسماء فدعاهم ذلك إلى أن اتخذوا تماثيل وأصناما على صورة الباري تعالى وبعضها على صورة الملائكة مختلفة القدور والأشكال في الصور، فمنها على صورة الإنسان ومنها على صورة غيره في الصور، فعبدوها وقربوا لها القرابين ونذروا لها النذور لشبهها عندهم بالباري تعالى وقربها منه، فأقاموا على ذلك برهة من الزمان وكثيرا من الأعصار حتى نبههم بعض ضلالهم على أن الأفلاك والكواكب أقرب الأجسام إلى الباري- تعالى عما يقول الجاهلون علوا كبيرا، وأنها حية ناطقة وأن كل ما يحدث في هذا العالم فإنما هو على قدر ما تجري به الكواكب عن أمر اللَّه تعالى فعظموها وقربوا لها القرابين لتنفعهم، ومكثوا على ذلك دهرا فلما رأوا الكواكب تخفى بالنهار وفي بعض أوقات الليل بما يعرض في الجو من السواتر، أمرهم بعض من كان فيهم من ضلّالهم أن يجعلوا أصناما وتماثيل على صورها وأشكالها وهيآتها، فجعلوا لها أصناما بعدد الكواكب المشهورة المتحيرة، فكل صنف منهم يعظم كوكبا منها ويقرب له نوعا من القربان. ولما طال عليهم العهد عبدوا الأصنام وألغوا عبادة الكواكب، فلم