قال: فانصرفنا عنه يومنا، فلما كان من غد في وجه السحر أتيناه فإذا هو قائم على قدميه شاخص ببصره إلى السماء، فناديناه: يا خطر يا خطر. فأومأ إلينا أن أمسكوا فأمسكنا، فانقض نجم عظيم من السماء، فصرخ الكاهن رافعا صوته.
أصابه أصابه ... خامره عقابه
عاجله عذابه ... أحرقه شهابه
زايله جوابه
يا ويحه ما حاله ... بلبله بلباله
عاوده خباله ... تقطعت حباله
وغيرت أحواله
ثم أمسك طويلا وقال:
يا معشر بني قحطان ... أخبركم بالحق والعيان
أقسمت بالكعبة ذات الأركان ... [والبلد] المؤتمن السدان
لقد منع السمع عناة الجان ... بثاقب بكف ذي سلطان
من أجل مبعوث عظيم الشان ... يبعث بالتنزيل والقرآن
وبالهدى وفاصل الفرقان ... تبطل به عبادة الأوثان
فقلنا: يا خطر ما ترى لقومك؟ فقال:
أرى لقومي ما أرى لنفسي ... أن يتبعوا خير بني الإنس
برهانه مثل شعاع الشمس ... يبعث في مكة دار الحمس
بمحكم التنزيل غير اللبس
[ (١) ] فقلنا: يا خطر وممن هو؟ فقال: والحياة والعيش، إنه لمن قريش، ما في حكمه طيش، ولا في خلقه هيش، يكون في جيش وأي جيش، من آل قحطان وآل أيش.
فقلنا: بين لنا من أي قريش هو؟
فقال: والبيت ذي الدعائم، إنه لمن نجل هاشم، من معشر أكارم، يبعث بالملاحم، وقتل كل ظالم.
[ (١) ] الأبيات في الروض الأنف ١/ ٢٤٠.