الزرقاء ومعان وقد عرسنا إذا بفارس يقول وهو بين السماء والأرض: أيها النيام هبوا فليس هذا بحين رقاد، وقد خرج أحمد وطردت الجن كل مطرد. ففزعنا ونحن رفقة حزاورة كلهم قد سمع بهذا، فرجعنا إلى أهلنا فإذا هم يذكرون خروج النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى الطبراني وأبو نعيم والبيهقي عن عبد الله العماني أن مازنا الطائي كان بأرض عمان، وكان يسدن الأصنام لأهله، وكان له صنم يقال له بادر. قال مازن: فعترت ذات يوم عتيرة، وهي الذبيحة، فسمعت صوتا من الصنم يقول: يا مازن أقبل إلي أقبل، تسمع ما لا يجهل، هذا نبي مرسل، جاء بحق منزل، فآمن به كي تعدل، عن حر نار تشعل، وقودها بالجندل.
قال مازن: فقلت واللَّه إن هذا لعجب. ثم عترت بعد أيام عتيرة أخرى فسمعت صوتا أبين من الأول وهو يقول:
يا مازن اسمع تسر، ... ظهر خير وبطن شر
بعث نبي من مضر، ... بدين اللَّه الكبر
فدع نحيتا من حجر، ... تسلم من حر سقر
قال مازن: فقلت واللَّه إن لهذا لعجب وإنه لخير يراد بي. وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت: ما الخبر وراءك؟ قال: خرج رجل بتهامة يقول لمن أتاه: أجيبوا داعي اللَّه يقال له أحمد.
فقلت: هذا واللَّه نبأ ما سمعت. فرحلت حتى أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فشرح لي الإسلام فأسلمت وقلت:
كسرت بادر أجذاذا أو كان لنا ... ربا نطيف به ضلا بتضلال
بالهاشمي هدانا من ضلالتنا ... ولم يكن دينه مني على بال
يا راكبا بلغن عمرا وإخوتها ... أني لمن قال ربي بادر قالي
قال مازن: فقلت: يا رسول اللَّه إني امرؤ مولع بالشراب والطرب وشرب الخمر والهلوك من النساء وألحت علينا السنون فأذهبن الأموال وأهزلن الذراري والرجال وليس لي ولد، فادع اللَّه أن يذهب عني ما أجد ويأتيني بالحيا ويهب لي ولدا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
«اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وأته بالحيا، وهب له ولدا
[ (١) ] . قال مازن:
فأذهب اللَّه عني كل ما كنت أجد، وأخصب عمان وتزوجت أربع حرائر ووهب لي حيان بن
[ (١) ] أخرجه أبو نعيم في الدلائل ١/ ٣٣ والبيهقي في دلائل النبوة ١٢/ ٣٦ وذكره الهيثمي في الجمع ٨/ ٢٤٨.