قل للقبائل من سليم كلها ... هلك الأنيس وعاش أهل المسجد
أودى ضمار وكان يعبد مرة ... قبل الكتاب إلى النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتدي
قال: فكتمته الناس فلم أحدث به أحدا فلما رجع الناس من غزوة الأحزاب، فبينا أنا في إبلي بطريق العقيق من ذات عرق راقد سمعت صوتا شديدا فرفعت رأسي فإذا رجل على جناح نعامة وهو يقول: النور الذي وقع يوم الاثنين ليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في دار بني أخي العنقاء. فأجابه هاتف على شماله أبصره:
بشر الجن وأبلاسها، أن المطي قد وضعت أحلاسها، وكلأت السماء حراسها.
قال: فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل.
وقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وأنشدته شعرا قلته وهو:
لعمرك إني يوم أجعل جاهلا ... ضمارا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول اللَّه والأوس حوله ... أولئك أنصار له ما أولائكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي ... ليهلك في كل الأمور المهالكا
فآمنت باللَّه الذي أنا عبده ... وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا ... أبايع بين الأخشبين المباركا
نبي أتى من بعد عيسى بناطقٍ ... من الحق فيه الفضل فيه كذلكا
أمين على الفرقان أول شافع ... وأول مبعوث يجيب الملائكا
تلاقي عرى الإيمان بعد انتفاضها ... فأحكمها حتى أقام المناسكا
وروى أبو نعيم عن راشد بن عبد ربه قال: كان الصنم الذي يقال له سواع بالمعلاة تدين له هذيل وبنو ظفر من سليم فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية بني سليم إلى سواع، قال: فأتيته فألفيت مع الفجر إلى صنم قبل سواع فإذا صارخ يصرخ من جوفه: العجب كل العجب، خروج نبي من بني عبد المطلب يحرم الزنا والربا والذبح للأصنام، وحرست السماء ورمينا بالشهب ثم هتف صنم آخر من جوفه: ترك الضمار وكان يعبد، وخرج نبي اسمه أحمد، نبي يصلي الصلاة ويأمر بالزكاة والصيام والصلة للأرحام. ثم هتف من جوف صنم آخر هاتف:
إن الذي ورث النبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتدي
قال راشد: فألفيت عند سواع مع الفجر ثعلبين يلحسان ما حوله ويأكلان ما يهدى إليه