للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قبائل قريش ويذكر ما سألوه وما تباعد من أمرهم:

ألا قل لعمر والوليد ومطعم ... ألا ليت حظّي من حياطتكم بكر

من الخور خبخاب كثير رغاؤه ... رشّ على السّاقين من بوله قطر

تخلّف خلف الورد ليس بلاحق ... إذا ما علا الفيفاء قيل: له وبر

أرى أخوينا من أبينا وأمّنا ... إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر

بلى لهما ولكن تجرجما ... كما جرجمت من رأس ذي علق صخر

أخصّ خصوصا عبد شمس ونوفلا ... هما نبذانا مثل ما نبذ الجمر

هما أغمزا للقوم في أخويهما ... فقد أصبحا منهم أكفّهما صفر

هما أشركا في المجد من لا أبا له ... من الناس إلا أن يرسّ له ذكر

وتيم ومخزوم وزهرة منهم ... وكانوا لنا مولى إذا بغي النّصر

فو اللَّه لا تنفكّ منّا عداوة ... ولا منهم ما كان من نسلنا شفر

[ (١) ] قال ابن إسحاق: ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الذين أسلموا، فوثبت كلّ قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذّبونهم ويفتنونهم عن دينهم، ومنع اللَّه تعالى رسوله صلى اللَّه عليه وسلّم بعمه أبي طالب.

وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون في بني هاشم وبني المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والقيام دونه فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوه إلى ما دعاهم إليه، إلا ما كان من أبي لهب عدوّ اللَّه الملعون.

فلما رأى أبو طالب من قومه ما سرّه في جدّهم معه وحدبهم عليه جعل يمدحهم ويذكر فضل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فيهم ومكانه منهم ليشد لهم رأيهم وليحدبوا معه على أمره فقال:

إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر ... فعبد مناف سرّها وصميمها

وإن حصّلت أشراف عبد منافها ... ففي هاشم أشرافها وقديمها

وإن فخرت يوما فإنّ محمّدا ... هو المصطفى من سرّها وكريمها

تداعت قريش غثّها وسمينها ... علينا فلم تظفر وطاشت حلومها

وكنّا قديما لا نقرّ ظلامة ... إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها


[ (١) ] انظر الروض الأنف ٢/ ٩ والبداية والنهاية ٣/ ٤٨، ٤٩.