فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قل أبا الوليد أسمع.
قال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعناه لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به الشّرف سّودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد ملكا ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيّا لا تستطيع ردّه عن نفسك طلبنا لك الطبّ وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه. أو كما قال له.
حتى إذا فرغ عتبة ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسمعه منه قال له: أقد فرغت أبا الوليد؟ قال: نعم.
قال: فاسمع مني قال: أفعل.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بسم اللَّه الرحمن الرحيم حم اللَّه أعلم بمراده به. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مبتدأ كِتابٌ خبره فُصِّلَتْ آياتُهُ بيّنت بالأحكام والقصص والمواعظ قُرْآناً عَرَبِيًّا حال من الكتاب بصفته لِقَوْمٍ يتعلق بفصلت يَعْلَمُونَ يفهمون ذلك وهم العرب أو أهل العلم والنظر وهو صفة أخرى لقرآنا بَشِيراً للعالمين به وَنَذِيراً للمخالفين له فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن تدبّره وقبوله فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ سماع تأمل وطاعة وَقالُوا للنبي. قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ أغطية جمع كنان وَفِي آذانِنا وَقْرٌ صمم وأصله الثقل وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ خلاف في الدين فَاعْمَلْ على دينك إِنَّنا عامِلُونَ على ديننا.
ومضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه، فلما سمعه عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما، فسمع منه إلى أن بلغ: فَإِنْ أَعْرَضُوا أي كفار مكة من الإيمان بعد هذا البيان فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ خوَّفتكم صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ [فصلت ١٣] منع من الصرف للعلمية والتأنيث لأنه أريد به القبيلة، أي عذابا يهلككم مثل ما أهلكهم.
فأمسك عتبة على فيه وناشده الرّحم أن يكفّ عنه، ثم انتهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السّجدة منها فسجد ثم قال: قد سمعت أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك، فقال: ما عندك غير هذا؟ فقال: ما عندي غير هذا.
فقام عتبة ولم يعد إلى أصحابه واحتبس عنهم فقال أبو جهل: واللَّه يا معشر قريش ما نرى عتبة إلا قد صبا إلى محمد وأعجبه طعامه، وما ذاك إلا من حاجة أصابته فانطلقوا بنا إليه.
فأتوه. فقال أبو جهل: واللَّه يا عتبة ما جئناك إلا أنك قد صبوت إلى محمد وأعجبك أمره فإن كان لك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد.