نبؤه، واسألوه عن الروح ما هي؟ فإن أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي مرسل، وإن لم يفعل فهو رجل متقوّل [ (١) ] فاصنعوا في أمره ما بدا لكم.
فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط حتى قدما مكة على قريش فقالا: قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها، فإن أخبركم عنها فهو نبيّ وإن لم يفعل فالرجل مفتون فروا فيه رأيكم.
فجاؤوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألوه في تلك الأشياء فقال لهم: أخبركم بما سألتم عنه غدا.
ولم يستثن. فانصرفوا عنه.
قال ابن إسحاق: ومكث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون خمسة عشرة ليلة وفي سير الزّهري وموسى بن عقبة: أن الوحي إنما أبطأ عنه ثلاثة أيام لا يحدث اللَّه تعالى في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل، حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غدا واليوم خمسة عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه. حتى أحزن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشقّ عليه ما يتكلم به أهل مكة.
ثم جاءه جبريل صلى الله عليه وسلم من اللَّه عز وجل بسورة الكهف وفيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطّواف والروح.
قال ابن إسحاق: فذكر لي إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لجبريل حين جاءه: لقد احتبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا. فقال له جبريل: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا فافتتح اللَّه سبحانه سورة الكهف بحمده وذكر نبوّة رسوله صلى الله عليه وسلم
فقال: الْحَمْدُ وهو الوصف بالجميل الثابت لِلَّهِ وهل المراد الإعلام بذلك للإيمان به أو الثناء به أو هما؟ احتمالات أفيدها الثالث الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ محمد الْكِتابَ القرآن وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أي فيه عِوَجاً اختلافا وتناقضا قَيِّماً مستقيما لِيُنْذِرَ يخوف بالكتاب الكافرين بَأْساً عذابا شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ من قبل اللَّه وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً وهو الجنة وَيُنْذِرَ من جملة الكافرين الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ بهذا القول مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ من قبلهم القائلين له كَبُرَتْ عظمت كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ كلمة تمييز مفسّر للضمير المبهم، والمخصوص بالذم محذوف أي مقالتهم المذكورة إِنْ ما يَقُولُونَ في ذلك إلا قولا كَذِباً فَلَعَلَّكَ باخِعٌ مهلك نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ بعد