وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا من خبر أهل الكهف في الدلالة على نبوّتي رَشَداً هداية وقد فعل اللَّه تعالى ذلك.
وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ اختلف في اسمه فقيل اسمه الصّعب. وبه جزم كعب الأحبار ونقله ابن هشام في التيجان عن ابن عباس. وقال الشيخ تقي الدين المقريزي في الخطط: إنه التحقيق عند علماء الأخبار. وقال الحافظ في الفتح بعد أن أورد قول أعشى بن ثعلبة:
والصّعب ذو القرنين أمسى ثاويا ... بالحنو في حديث هناك مقيم.
والحنو- بكسر الحاء المهملة وسكون النون فواو: مكان في ناحية المشرق. ثم ذكر شواهد أخر يؤخذ من أكثر هذه الشواهد أن الراجح في اسمه الصّعب. وقيل المنذر: وقيل غير ذلك.
ولقّب بذي القرنين قيل لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها رواه الزبير بن بكار عن الزّهري. وقيل لأنه ملكهما. وقيل لأنه رأى في منامه أنه أخذ بقرني الشمس، وقيل لأنه كان له قرنان حقيقة. وهذا أنكره الإمام علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى. وقيل لأنه كان له ضفيرتان تواريهما ثيابه. وقيل كانت الغديرتان طويلتين من شعره حتى كان يطأ عليهما. وقيل لأنه دخل النور والظّلمة. وقيل لأنه عمّر حتى فني في زمانه قرنان من الناس. وقيل غير ذلك.
واختلف في نبوته: فقيل كان نبيّا. وبه جزم جماعة. وهو مرويّ عن عبد الله بن عمرو بن العاصي. قال الحافظ: وعليه ظاهر القرآن
وروى الحاكم من حديث أبي هريرة قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«لا أدري ذو القرنين كان نبيّا أو لا»
وذكر وهب في المبتدأ إنه كان عبدا صالحا وأن اللَّه تعالى بعثه إلى أربعة أمم اثنتين منها طول الأرض، واثنتين منها عرض الأرض فذكر قصة طويلة ذكرها الثعلبي في تفسيره.
وروى الزبير بن بكّار وسفيان بن عيينة في جامعه والضياء المقدسي في صحيحه، كلاهما من طريق آخر بسند صحيح كما قال الحفاظ عن أبي الطفيل أن ابن الكوّاء قال لعلي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه: أخبرني عن ذي القرنين نبيّا كان أم ملكا؟ قال: لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا صالحا أحبّ اللَّه فأحبّه، ونصح للَّه فنصحه، بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه ضربة مات فيها، ثم بعثه اللَّه إليهم فضربوه، ثم بعثه فسمّي ذا القرنين. قال الحافظ: وفيه إشكال لأن قوله: لم يكن نبيا مغاير لقوله: بعثه اللَّه إلى قومه إلا أن يحمل البعث على غير رسالة النبوّة.