وروى البلاذري عن مجاهد قال: جعلوا في عنق بلال حبلا وأمروا صبيانهم أن يشتدّوا به بين أخشبي مكة- يعني جبليها- ففعلوا ذلك وهو يقول: أحد أحد.
وروى ابن سعد عن عروة قال: كان بلال من المستضعفين من المؤمنين وكان يعذّب حين أسلم ليرجع عن دينه فما أعطاهم قط كلمة مما يريدون، وكان الذي يعذبه أمية بن خلف الجمحي.
وروى البلاذري عن عمير بن إسحاق قال: كان بلال إذا اشتدّ عليه العذاب قال: أحد أحد. فيقولون له: قل كما نقول فيقول: إن لساني لا ينطق به ولا يحسنه.
قال البلاذريّ: وروي أن بلالا قال: أعطشوني يوما وليلة ثم أخرجوني فعذّبوني في الرمضاء في يوم حارّ.
قال ابن إسحاق: وحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال: كان ورقة بن نوفل يمرّ ببلال وهو يعذّب وهو يقول: أحد أحد. فيقول ورقة: أحد أحد واللَّه يا بلال. ثم يقبل على أمية بن خلف ومن يصنع ذلك به من بني جمح فيقول: أحلف باللَّه لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا.
حتى مرّ أبو بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنهما وهم يصنعون به ذلك، وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال أبو بكر لأمية: ألا تتقي اللَّه في هذا المسكين حتى متى تعذبه؟ قال أنت أفسدته فأنقذه مما ترى. قال أبو بكر: أفعل. عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به. قال: قد قبلت. قال: هو لك. فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك وأخذ بلالا فأعتقه.
وروى البلاذري بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال: لمّا أسلم بلال أخذه أهله فقمطوه وألقوا عليه من البطحاء، وجعلوا يقولون: ربّك اللات والعزى. فيقول أحد أحد. فأتى عليه أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه فقال: علام تعذّبون هذا الإنسان؟ فاشتراه بسبع أواقيّ وأعتقه.
فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قد اشتراه فقال: الشركة يا أبا بكر. فقال: قد أعتقته يا رسول اللَّه.
وروى البلاذري بسند جيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: اشترى أبو بكر بلالا بخمس أواقي.
ومنهم خبّاب بن الأرتّ بالمثناة الفوقية.
قال البلاذري: قالوا كان الأرت سواديا، فأغار قوم من ربيعة على الناحية التي كان فيها فسبوه وأتوا به الحجاز فباعوه فوقع إلى سباع بن عبد العزى الخزاعي حليف بني زهرة. وزعم أبو اليقظان أن خبّابا كان أخا سباع لأمّه.
قال البلاذري: وخبّاب فيما يقول ولده: ابن الأرتّ بن جندلة بن سعد بن خزيمة، من بني سعد بن زيد مناة بن تميم، وإنه وقع عليه سبي فصار إلى أم أنمار مولاته فأعتقته وإنه كانت به رتّة، كان ألكن إذا تكلم بالعربية فسمي الأرتّ.