ومسند الحكم إلى الأصنام ... فكلّكم أوره كالكهام
أما ترون ما أرى أمامي ... من ساطع يجلو دجى الظلام
قد لاح للنّاظر من تهام ... أكرمه الرّحمن من إمام
قد جاء بعد الكفر بالإسلام ... والبرّ والصّلات للأرحام
ويزجر النّاس عن الآثام ... فبادروا سبقا إلى الإسلام
بلا فتور وبلا إحجام
قال عمر: فقلت واللَّه ما أراه إلا أرادني. ثم مررت بالضّمار فإذا هاتف يهتف من جوفه:
ترك الضمار وكان يعبد مرّة ... قبل الصّلاة مع النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتدي
سيقول من عبد الضّمار ومثله ... ليت الضّمار ومثله لم يعبد
فاصبر أبا حفص فإنّك امرؤ ... يأتيك عزّ غير عزّ بني عدي
لا تعجلنّ فأنت ناصر دينه ... حقّا يقينا بالّلسان وباليد.
قال عمر: فو اللَّه لقد علمت أنه أرادني. فلقيني رجل من قريش.
قال ابن إسحاق: هو نعيم بن عبد الله النحّام وكان قد أسلم وكان يخفي ذلك فرقا من قومه. فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب؟ قلت: أريد هذا الصابئ الذي فرّق أمر قريش وسفّه أحلامها وعاب دينها وسبّ آلهتها فأقتله. فقال له نعيم: واللَّه لقد غرّتك نفسك من نفسك يا عمر أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على وجه الأرض وقد قتلت محمدا؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال: وأيّ أهل بيتي؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمر وأختك فاطمة بنت الخطاب، فقد واللَّه أسلما وتابعا محمدا على دينه فعليك بهما. وإنما فعل ذلك نعيم ليصرف عمر عن أذى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه.
وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم إذا أسلم بعض من لا شيء له ضمّ الرجل والرجلين إلى الرجل ينفق عليه، وكان ضمّ رجلين من أصحابه إلى زوج أخت عمر فقرع عمر عليهم الباب وعندهم خبّاب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها فلما سمعوا حسّ عمر تغيّب خبّاب في مخدع لهم أبو في بعض البيت وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها وقد سمع حين دنا من البيت قراءة خبّاب عليهما، فلما دخل قال: ما هذه الهينمة التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئا. قال: بلى واللَّه لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه.