للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحجِّ، يعني قوله لنا خاصَّةً؟ قال: لا أقول به، لا يُعرَف هذا الرَّجل، هذا حديثٌ ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال بن الحارث عندي يثبت. هذا لفظه.

قلت: وممَّا يدلُّ على صحَّة قول الإمام أحمد وأنَّ هذا الحديث لا يصحُّ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن تلك المتعة الَّتي أمرهم أن يفسخوا حجَّهم إليها أنَّها لأبدِ الأبد، فكيف يثبت عنه بعد هذا أنَّها لهم خاصَّةً؟ هذا من أمحل (١) المحال. وكيف يأمرهم بالفسخ ويقول: «دخلت العمرةُ في الحجِّ إلى يوم القيامة»، ثمَّ يثبت عنه أنَّ ذلك مختصٌّ بالصَّحابة دون من بعدهم؟ فنحن نشهد بالله أنَّ حديث بلال بن الحارث هذا لا يصحُّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو غلطٌ عليه. وكيف تُقدَّم رواية بلال بن الحارث على روايات الثِّقات الأثبات حملةِ العلم الذين رووا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلافَ روايته؟

ثمَّ كيف يكون هذا ثابتًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عبَّاسٍ يفتي بخلافه، ويناظر عليه طولَ عمره بمشهدٍ من الخاصِّ والعامِّ، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، ولا يقول له رجلٌ واحدٌ منهم: هذا كان مختصًّا بنا ليس لغيرنا، حتَّى يظهر بعد موت الصَّحابة أنَّ أبا ذر كان يرى ويروي (٢) اختصاصَ ذلك بهم؟

وأمَّا قول عثمان - رضي الله عنه - في متعة الحجِّ: إنَّها كانت لهم ليست لغيرهم، فحكمه حكم قول أبي ذر سواءٌ على أنَّ المرويَّ عن أبي ذر وعثمان يحتمل ثلاثة أمورٍ:


(١) «أمحل» ليست في ق، ك، ب، مب.
(٢) «ويروي» ليست في المطبوع.