للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر ــ سمعتُه يقول: لو اعتمرتُ ثمَّ حججتُ لتمتَّعتُ. قال ابن عبَّاسٍ: كذا وكذا مرَّةً، ما تمَّتْ حجَّة رجلٍ قطُّ إلا بمتعةٍ (١).

وأمَّا الجواب الذي ذكره شيخنا (٢)، فهو أنَّ عمر - رضي الله عنه - لم ينهَ عن المتعة البتَّة، وإنَّما قال: إنَّ أتمَّ لحجِّكم وعمرتِكم أن تَفصِلوا بينهما، فاختار عمر لهم أفضل الأمور، وهو إفراد كلِّ واحدٍ (٣) منهما بسفرٍ يُنشِئه له من بلده، وهذا أفضل من القران والتّمتِّع الخاصِّ بدون سفرةٍ أخرى، وقد نصَّ على ذلك أحمد وأبو حنيفة ومالك والشَّافعيُّ وغيرهم. وهذا هو الإفراد الذي فعله أبو بكرٍ وعمر، وكان عمر يختاره للنَّاس، وكذلك علي.

وقال عمر وعلي في قوله تعالى: {(١٩٥) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] قالا: إتمامهما أن تُحرِم بهما من دُوَيرة أهلك (٤)، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة في عمرتها: «أجرُكِ على قدر نَصَبِك» (٥)، فإذا رجع الحاجُّ إلى دُوَيرة أهله، فأنشأ منها العمرة، واعتمر قبل أشهُرِ الحجِّ وأقام حتَّى يحجَّ، أو اعتمر في أشهُرِه ورجعَ إلى أهله ثمَّ حجَّ، فهنا قد أتى بكلِّ واحدٍ من النُّسكين من دُوَيرة أهله، وهذا إتيانٌ بهما على الكمال، فهو أفضل من غيره.


(١) رواه ابن حزم في «حجة الوداع» (٤٠٤) بهذا الطريق.
(٢) لم أجد كلامه بالنصّ، وقد تكلم عليه بنحوه في «شرح العمدة» (٤/ ٢٣٢) و «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٤٦).
(٣) «واحد» ليست في ك.
(٤) رواه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٣٥١) وابن أبي شيبة (١٣١٠٠، ١٣١٠١) عنهما.
(٥) رواه البخاري (١٧٨٧) ومسلم (١٢١١/ ١٢٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.