للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا وصل إلى المروة رَقِيَ عليها، واستقبل البيت، وكبَّر اللَّه ووحَّده، وفعل كما فعل على الصَّفا، فلمَّا أكمل سعيه عند المروة أمر كلَّ من لا هديَ معه أن يحلَّ حتمًا ولا بدَّ، قارنًا كان أو مفردًا، وأمرهم أن يحلُّوا الحلَّ كلَّه: من وطء النِّساء، والطِّيب، والمَخِيط (١)، وأن يبقَوا كذلك إلى يوم التَّروية، ولم يحلَّ هو من أجل هديه، وهناك قال: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لما سقتُ الهدي، ولجعلتُها عمرةً».

وقد روي أنَّه أحلَّ هو أيضًا، وهو غلطٌ قطعًا، قد بيَّنَّاه فيما تقدَّم.

وهناك دعا للمحلِّقين بالمغفرة ثلاثًا، وللمقصِّرين مرَّةً (٢)، وهناك سأله سُراقة بن مالك بن جُعْشُم عقيبَ أمره لهم بالفسخ والإحلال: هل ذلك لعامهم خاصَّةً أم للأبد؟ فقال: «بل للأبد». ولم يحلَّ أبو بكر ولا عمر ولا علي ولا طلحة ولا الزبير من أجل الهدي. وأمَّا نساؤه - صلى الله عليه وسلم - فأحللن، وكنَّ قارناتٍ، إلا عائشة فإنَّها لم تحلَّ من أجل تعذُّر الحلِّ عليها (٣) بحيضها (٤). وفاطمة حلَّت؛ لأنَّها لم يكن معها هديٌ، وعلي لم يحلَّ من أجل هديه. وأمرَ مَن أهلَّ بإهلالٍ كإهلاله - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم على إحرامه إن كان معه هديٌ، وأن يحلَّ إن لم يكن معه هديٌ.

وكان يصلِّي مدَّةَ مُقامِه (٥) إلى يوم التَّروية بمنزلهِ الذي هو نازلٌ فيه


(١) في المطبوع: «ولبس المخيط». والمثبت من النسخ.
(٢) رواه البخاري (١٧٢٨) ومسلم (١٣٠٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(٣) «عليها» ليست في ك.
(٤) في المطبوع: «لحيضها».
(٥) بعدها في المطبوع: «بمكة». وليست في النسخ.