للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمسلمين بظاهر مكَّة، فأقام (١) أربعة أيَّامٍ يقصُر الصَّلاة يوم الأحد والاثنين والثُّلاثاء والأربعاء، فلمَّا كان يوم الخميس ضحًى توجَّه بمن معه من المسلمين إلى منًى، فأحرم بالحجِّ من كان أحلَّ منهم من رحالهم ولم يدخلوا إلى المسجد، فأحرموا منه، بل أحرموا ومكَّة خلفَ ظهورهم، فلمَّا وصل إلى منًى فنزلَ (٢) بها، وصلَّى بها الظُّهر والعصر، وبات بها، وكان ليلة الجمعة، فلمَّا طلعت الشَّمس سار منها إلى عرفة، وأخذ على طريق ضَبٍّ على يمين طريقِ النَّاس اليوم، وكان من الصحابة الملبِّي، ومنهم المكبِّر، وهو يسمع ذلك ولا ينكر على هؤلاء ولا على هؤلاء (٣). فوجد القبَّة قد ضُرِبت له بنَمِرةَ بأمره (٤)، وهي قريةٌ شرقيَّ عرفاتٍ (٥)، وهي خرابٌ اليومَ، فنزل فيها، حتَّى إذا زالت الشَّمس أمر بناقته القصواء فرُحِلتْ، ثمَّ سار (٦) حتَّى أتى بطنَ الوادي من أرض عُرَنَة، فخطب النَّاسَ وهو على راحلته خطبةً عظيمةً، قرَّر فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشِّرك والجاهليَّة، وقرَّر فيها تحريم المحرَّمات الَّتي اتِّفقت الملل على تحريمها، وهي الدِّماء والأموال والأعراض، ووضع فيها أمور الجاهليَّة تحت قدميه (٧)،

ووضع فيها ربا الجاهليَّة كلَّه وأبطله، وأوصاهم


(١) بعدها في ب، مب، المطبوع: «بظاهر مكة». وليست في بقية النسخ، وهو تكرار لما سبق.
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «نزل».
(٣) رواه البخاري (٩٧٠) ومسلم (١٢٨٥/ ٢٧٤) من حديث أنس - رضي الله عنه - .
(٤) «بأمره» ليست في ص.
(٥) كذا في النسخ، والصواب: «غربيّ عرفات»، كما صوَّبه الشيخ ابن باز، انظر: «التعليقات البازية» (ص ٢٥٤).
(٦) «ثم سار» ليست في ك.
(٧) ك: «قدمه» ..