للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو الهدي (١) الذي يلزمهنَّ.

لكن في قصَّة نحر البقرة عنهنَّ ــ وهنَّ تِسعٌ ــ إشكالٌ، وهو إجزاء البقرة عن أكثر من سبعةٍ.

وقد أجاب أبو محمد ابن حزم (٢) عنه بجوابٍ على أصله، وهو أنَّ عائشة لم تكن معهنَّ في ذلك، فإنَّها كانت قارنةً وهنَّ متمتِّعاتٌ، وعنده لا هديَ على القارن. وأيَّد قوله بالحديث الذي رواه مسلم (٣) من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُوافينَ لهلال ذي الحجَّة، فكنتُ فيمن أهلَّ بعمرةٍ، فخرجنا حتَّى قدمنا مكَّة، فأدركني يومُ عرفة وأنا حائضٌ لم أحلَّ من عمرتي، فشكوتُ ذلك إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «دَعِي عمرتك، وانقُضِي رأسك وامتشطي، وأهلِّي بالحجِّ». قالت: ففعلتُ. فلمَّا كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجَّنا، أرسل معي عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ، فأردفني وخرج إلى التَّنعيم، فأهللتُ بعمرةٍ، فقضى الله حجَّنا وعمرتنا، ولم يكن في ذلك هديٌ ولا صدقةٌ ولا صومٌ.

وهذا مسلكٌ فاسدٌ انفرد به (٤) عن النَّاس. والَّذي عليه الصَّحابة والتَّابعون ومَن بعدهم: أنَّ القارن يلزمه الهدي كما يلزم المتمتِّع، بل هو متمتِّعٌ حقيقةً في لسان الصَّحابة، كما تقدَّم. وأمَّا هذا الحديث فالصَّحيح أنَّ


(١) «الهدي» ليست في ك.
(٢) في «حجة الوداع» (ص ٣٠٩، ٣١٠).
(٣) برقم (١٢١١/ ١١٥).
(٤) بعدها في المطبوع زيادة: «ابن حزم»، وليست في النسخ، وهو مفهوم من السياق.