للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذَّبح مشروعًا في وقتٍ يحرم فيه الأكل، قالوا: ثمَّ نُسخ تحريم الأكل فبقي وقت الذَّبح بحاله.

فيقال لهم (١): النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم ينهَ إلا (٢) عن الادِّخار فوق ثلاثٍ، لم ينهَ عن التَّضحية بعد ثلاثٍ، فأين أحدهما من الآخر؟ ولا تلازمَ بين ما نهى عنه وبين اختصاص الذَّبح بثلاثٍ لوجهين:

أحدهما: أنَّه يسوغ (٣) الذَّبح في اليوم الثَّاني والثَّالث، فيجوز له الادِّخار إلى تمام الثَّلاث من يوم الذَّبح، ولا يتمُّ لكم الاستدلال حتَّى يثبت النَّهي عن الذَّبح بعد يوم النَّحر، ولا سبيل لكم إلى هذا.

الثَّاني: أنَّه لو ذبح في آخر جزءٍ من يوم النَّحر لساغ له حينئذٍ الادِّخارُ ثلاثة أيَّامٍ بعده بمقتضى الحديث، وقد قال عليُّ بن أبي طالبٍ: أيَّام النَّحر يوم الأضحى وثلاثةُ أيَّامٍ بعده. وهو مذهب إمام أهل البصرة الحسن، وإمام أهل مكَّة عطاء بن أبي رباحٍ (٤)، وإمام أهل الشَّام الأوزاعيِّ، وإمام فقهاء أهل الحديث الشَّافعيِّ، واختاره ابن المنذر (٥)؛ ولأنَّ الثَّلاثة تختصُّ بكونها أيَّامَ منًى وأيَّام الرَّمي وأيَّام التَّشريق، ويحرم صيامها، فهي إخوةٌ في هذه الأحكام فكيف تفترق (٦) في جواز الذَّبح بغير نصٍّ ولا إجماعٍ؟ وروي من وجهين


(١) ب: «له».
(٢) «إلا» ليست في ك.
(٣) ك: «لا يسوغ»، خطأ.
(٤) انظر هذه الآثار في «الاستذكار» (٥/ ٢٤٥ - ٢٤٦).
(٥) في «الإشراف» (٣/ ٣٥١).
(٦) ك: «يفرق».