للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرب، فقال: «اجلسْ»، فقام آخر، فقال: «ما اسمك؟»، فقال: يعيش، فقال: «احلُبْها» (١).

وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء ويكره العبورَ فيها، كما مرَّ في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما، فقالوا: فاضحٌ ومُخْرِئ (٢)، فعدل عنهما، ولم يَجُزْ بينهما.

ولمَّا كان بين الأسماء والمسمَّيات من الارتباط والتَّناسب والقرابة ما بين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بين الأرواح والأجسام، عَبَرَ العقلُ من كلٍّ منهما إلى الآخر، كما كان إياس بن معاوية (٣) وغيره يرى الشَّخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيتَ وكيتَ، فلا يكاد يخطئ. وضدُّ هذا العبور من الاسم إلى مسمَّاه كما سأل عمر بن الخطَّاب رجلًا عن اسمه، فقال: جَمْرة، فقال: واسم أبيك؟ قال: شهاب (٤)، قال: فمنزلك؟ قال: بحرَّة النَّار، قال:


(١) رواه مالك (٢٧٨٩) عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرسلًا، ووصله الطبراني (١٧/ ٢٩٢) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٦٦٧٧) وابن عبد البر في «التمهيد» (٢٤/ ٧٢) وفي «الاستذكار» (٨/ ٥١٣)؛ إلا أن الطبراني وأبا نعيم قالا: (جمرة) بدل (حرب)، والحديث حسنه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٨/ ٤٧).
(٢) مب، ق: «مخر». ب: «مخمر». ك: «مخزي». وفي المطبوع: «مُخْزٍ». والذي في «سيرة ابن هشام» (١/ ٦١٤) و «مغازي الواقدي» (١/ ٥١) وغيرهما: «مُسْلِح ومُخْرِئ»، وكذا ضبطهما ياقوت في «معجم البلدان» (٥/ ١٢٩، ٧٢) والبكري في «معجم ما استعجم» (٢/ ١٢٢٧). والخبر متعلق بغزوة بدر.
(٣) انظر بعض أخبار ذكائه وزكنه في «أخبار القضاة» (١/ ٣٦١ - ٣٧٤).
(٤) بعدها في المطبوع: «قال: ممن؟ قال: من الحرقة». وليست في النسخ.