للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأين مسكنك؟ قال: بذات لَظى، قال: اذهبْ فقد احترق مسكنك، فذهب فوجد الأمر كذلك (١). فعَبَر عمر - رضي الله عنه - من (٢) الألفاظ إلى أرواحها ومعانيها، كما عبَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من اسم سهيلٍ إلى سهولة أمرهم يوم الحديبية، فكان الأمر كذلك (٣).

وقد أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمَّته بتحسين أسمائهم، وأخبر أنَّهم يُدْعَون يوم القيامة بها (٤). وفي هذا ــ والله أعلم ــ تنبيهٌ على تحسين الأفعال المناسبة لتحسين الأسماء؛ لتكون الدعوة على رؤوس الأشهاد بالاسم الحسن والوصف المناسب له.

وتأمَّلْ كيف اشتُقَّ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وصفه اسمان مطابقان لمعناه، وهما أحمد ومحمَّد، فهو لكثرة ما فيه من الصفات المحمودة محمَّدٌ، ولشرفها وفضلها على صفات غيره أحمدُ، فارتبط الاسم بالمسمَّى ارتباطَ الرُّوح بالجسد. وكذلك تكنيته - صلى الله عليه وسلم - لأبي الحَكَم بن هشام بأبي جهل كنيةٌ مطابقةٌ لوصفه ومعناه، وهو أحقُّ الخلق بهذه الكنية. وكذلك تكنية الله لعبد العزّى


(١) رواه مالك (٢٧٩٠) عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمر بن الخطاب، وإسناده منقطع لأن يحيى بن سعيد لم يدرك عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - ولكنه توبع بسعيد بن المسيب عند معمر في «جامعه» (١٩٨٦٤)، وفي إسناده راوٍ لم يسمَّ ولكنه يتقوى به.
(٢) «من» ليست في ك.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) رواه أحمد (٢١٦٩٣) وأبو داود (٤٩٤٨) من حديث أبي الدرداء- رضي الله عنه -، وإسناده ضعيف لأجل ابن أبي زكريا متكلم فيه، وأيضًا لم يدرك أبا الدرداء. انظر: «فتح الباري» (١٠/ ٧٠٨) و «السلسلة الضعيفة» (٥٤٦٠).