للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأبي لهب؛ لمَّا كان مصيره إلى نارٍ ذاتِ لهبٍ كانت هذه الكنية أليقَ به وأوفقَ، وهو بها أحق وأخلق.

ولمَّا قدِم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ ــ واسمها يَثْرِب، لا تُعرف بغير هذا الاسم ــ غيَّره بطَيْبة (١)؛ لمَّا زال عنها ما في لفظ «يَثْرِب» من التَّثريب بما في معنى «طَيبة» من الطِّيب، استحقَّتْ هذا الاسم، وازدادتْ به طيبًا آخر، فأثَّر طِيبُها في استحقاق الاسم، وزادها طيبًا إلى طيبها.

ولمَّا كان الاسم الحسن يقتضي مسمَّاه ويستدعيه من قُربٍ، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لبعض قبائل العرب وهو يدعوهم إلى الله وتوحيده: «يا بني عبد الله، إنَّ الله قد حَسَّن اسْمَكم واسْمَ أبيكم» (٢). فانظر كيف دعاهم إلى عبودية الله بحسن اسم أبيهم وبما فيه من المعنى المقتضي (٣) للدَّعوة. وتأمَّلْ أسماء الستَّة المتبارزين يوم بدرٍ كيف اقتضى القدرُ مطابقةَ أسمائهم لأحوالهم يومئذٍ، فكان الكفَّار شَيبة وعُتبة والوليد، ثلاثة أسماءٍ من الضَّعف، فالوليد له بداية الضَّعف، وشيبة له نهايته، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ


(١) يشير إلى ما رواه أبو داود الطيالسي (٧٩٨) وأبو عوانة (٣٧٤٧) عن جابر بن سمرة - رضي الله عنهما -: كانوا يسمون المدينة يثرب، فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيبة. وإسناده حسن.
(٢) رواه ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٢٤) والطبري في «تاريخه» (٢/ ٣٤٩) عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين مرسلًا. ومحمد هذا ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (١/ ١٥٦) وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٧/ ٣١٧) دون جرح أو تعديل، وذكره ابن حبان في «الثقات» (٧/ ٤١٣).
(٣) «المقتضي» ليست في ك.