للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحسنات إلا هو، ولا يَصرِف السيِّئاتِ إلا هو، ولا يدلُّ عليه إلا هو (١)، وإذا أراد عبدَه لأمرٍ هيَّأه له، فمنه الإيجاد، ومنه الإعداد (٢)، ومنه الإمداد، وإذا أقامه في مقامٍ، أيَّ مقامٍ كان، فبحمدِه أقامه فيه، وحكمتُه إقامتُه (٣) فيه، ولا يليق به (٤) غيرُه، ولا يصلُح له سواه، ولا مانعَ لما أعطى اللَّه، ولا مُعطيَ لما منع، ولم يمنع عبدَه حقًّا هو للعبد فيكون بمنعه ظالمًا؛ بل مَنَعَه (٥) ليتوصَّل إليه بمَحَابِّه ليُعطِيَه (٦)، وليتضرَّع إليه، ويتذلَّل بين يديه، ويتملَّقه، ويُعطِي فقرَه إليه حقَّه، بحيث يشهد في كلِّ ذرَّةٍ من ذرَّاته الباطنة والظَّاهرة فاقةً تامَّةً إليه على تعاقب الأنفاس.

وهذا هو الواقع في نفس الأمر وإن لم يشهده، فلم يمنع عبدَه ما العبد محتاجٌ إليه، بخلًا منه، ولا نقصًا من خزائنه، ولا استئثارًا عليه بما هو حقٌّ للعبد؛ بل مَنَعَه ليردَّه إليه، وليُعِزَّه بالتَّذلُّل له، وليُغْنِيَه بالافتقار إليه، وليَجْبُرَه بالانكسار بين يديه، وليُذِيقَه بمرارة المنع حلاوةَ الخضوع له ولذَّةَ الفقر، وليُلْبِسَه خِلعةَ العبوديَّة، ويُولِّيَه بعَزْلِه أشرفَ الولايات، وليُشْهِدَه حكمتَه في قدرته، ورحمتَه في عزَّته، وبِرَّه ولطفَه في قهره، وأنَّ منْعه عطاءٌ، وعزْله توليةٌ، وعقوبته تأديبٌ، وامتحانه محبَّةٌ (٧) وعطيَّةٌ،


(١) «ولا يأتي ... إلا هو» ساقطة من ك.
(٢) في المطبوع: «الإعدام» خلاف النسخ.
(٣) في المطبوع: «وبحكمته إقامتُه» خلاف النسخ.
(٤) ك: «فيه».
(٥) ب: «يمنعه».
(٦) في المطبوع: «ليعبده» خلاف النسخ.
(٧) ك، ص: «محنة».