للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتسليطه أعداءَه عليه سائقٌ (١) يَسُوقه إليه (٢).

وبالجملة فلا يليق بالعبد غيرُ ما أُقيم فيه (٣)، وحمدُه وحكمتُه أقاماه (٤) في مقامه الذي لا يليق به سواه، ولا يَحْسُنُ أن يتخطَّاه، والله أعلم حيثُ يجعل مواقعَ عطائه وفضله، و {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ} [الأنعام: ١٢٤]، {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣]. فهو سبحانه أعلمُ بمواقع الفضل، ومحالِّ التَّخصيص، ومحالِّ الحرمان، فبحمده وحكمته أعطى، وبحمده وحكمته حَرَمَ، فمن ردَّه المنعُ إلى الافتقار (٥) إليه والتَّذلُّل له وتملُّقِه= انقلبَ في حقِّه عطاءً، ومن شَغَلَه عطاؤه وقَطَعَه عنه= انقلب في حقِّه منعًا، فكلُّ ما شَغلَ (٦) العبدَ عن الله فهو مشؤومٌ عليه، وكلُّ ما ردَّه إليه فهو رحمةٌ به.

فالرَّبُّ تعالى يريد من عبده أن يفعل، ولا يقع الفعل حتَّى يريد سبحانه من نفسه أن يُعِينه، فهو سبحانه أراد منَّا الاستقامةَ وإيجادَ السَّبيل إليه، وأخبرنا أنَّ هذا المراد لا يقع حتَّى يُريد من نفسه إعانتَنا عليها ومشيئتَها لنا، فهما (٧)


(١) ص، ك، ج: «سياط».
(٢) ص، ك، ج: «بها إليه».
(٣) «فيه» ليست في ط.
(٤) ك: «أقامته».
(٥) ك: «والافتقار».
(٦) ك: «أشغل».
(٧) ك: «فما». ص: «ومما». مب: «فيهما».