للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملكة والاستحقاق، ويزاحمَ مرادَ سيِّده منه بمراده هو ويدفعَه به، أو يُقدِّمه ويُؤثِره عليه، أو يَقسِم إرادتَه بين مراد سيِّده ومراده، وهو قِسْمةٌ ضِيْزى، أو مثل قسمة الذين قالوا: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ} [الأنعام: ١٣٦].

فلينظرِ العبدُ لا يكون من أهل هذه القسمة بين نفسه وشركائه وبين الله، ولجهله وظلمِه واللَّبْسِ عليه لا يَشعُر، فإنَّ الإنسان خُلِق ظلومًا جهولًا، وكيف يطلب الإنصاف ممَّن وصفُه الظُّلم والجهل؟ وكيف يُنصِف الخلقَ من لم يُنصِف الخالق؟ كما في أثرٍ إلهيٍّ: «يقول الله عزَّ وجلَّ: ابنَ آدم ما أنصفتَني، خيري إليك نازلٌ وشرُّك إليَّ صاعدٌ، كم أتحبَّبُ إليك بالنِّعم وأنا غنيٌّ عنك، وكم تتبغَّض إليَّ بالمعاصي وأنت فقيرٌ إليَّ، ولا يزال الملَكُ الكريم يَعْرُج إليَّ منك بعملٍ قبيحٍ» (١).

وفي أثرٍ آخر: «ابنَ آدم ما أنصفتَني، خلقتُك وتعبدُ غيري، وأرزُقُك وتَشكُر سواي» (٢).


(١) رواه الدينوري في «المجالسة» (٢/ ٣٣) عن وهب بن منبه قال: قرأتُ في بعض الكتب ... وإسناده واهٍ بمرة. وانظر تعليق المحقق عليه.
(٢) رواه أبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» (٣/ ٩٥٠)، وعزاه الرافعي في «التدوين» (١/ ١٩٣) إلى ابن فارس في «أماليه» من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - بنحوه، وفي إسناده نوفل بن سليمان الهنائي من أهل بلخ، قال الخليلي: «يروي عن عبيد الله بن عمر أحاديث لا يتابع عليها ... وأحاديثه تدل على ضعفه». ثم ساق الخليلي هذا الحديث بإسناده.