للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النقض يختصُّ به.

ثم في دَفْعِه إليهم الأرضَ على النصفِ دليلٌ ظاهر على جواز المساقاة والمزارعة، وكونُ الشجر نخلًا لا أثر له البتة، فحكم الشيء حكمُ نظيره؛ فبلدٌ شجرُهم الأعنابُ والتينُ وغيرُهما من الثمار في الحاجة إلى ذلك حكمُه حكمُ بلدٍ شجرُهم النخلُ سواءً ولا فرق.

وفي ذلك دليل على أنه لا يُشترط كونُ البذر من رب الأرض، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالحهم على الشطر ولم يعطهم بذرًا البتة، ولا كان يرسل إليهم ببذر؛ وهذا مقطوع به من سيرته، حتى قال بعض أهل العلم: إنه لو قيل باشتراط كونه من العامل لكان أقوى من القول باشتراط كونه من رب الأرض، لموافقته لسنَّة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في أهل خيبر.

والصحيح أنه يجوز أن يكون من العامل وأن يكون من رب الأرض، ولا يُشترط أن يختصَّ به أحدُهما، والذين شرطوه (١) من رب الأرض ليس معهم حجة أصلًا أكثرَ من قياسهم المزارعةَ (٢) على المضاربة، قالوا: فكما يُشترط (٣) في المضاربة أن يكون رأسُ المال من المالك والعملُ من المضارب، فهكذا في المزارعة، وكذلك المساقاة يكون (٤) الشجر من أحدهما والعمل عليها من الآخر. وهذا القياس إلى أن يكون حجةً عليهم أقربُ منه أن يكون حجةً لهم، فإن في المضاربة يعود رأس المال إلى المالك


(١) ص، ز، ع: «اشترطوه».
(٢) م، ق، ب، ث: «للمزارعة».
(٣) م، ق، ب، ث: «شُرط»، وفي الأوليين يحتمل: «يُشرَط».
(٤) ق: «ويكون».