للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنتخذها سمرًا، بل لنعتبر بها في الأحكام؛ بل الحكم بالقسامة (١) وتقديم أيمان مدَّعِي القتل هو من هذا استنادًا إلى القرائن الظاهرة، بل ومن هذا رجم الملاعنة إذا التعن الزوج ونكلت عن الالتعان، فالشافعي ومالك يقتلانها بمجرد التعان الزوج ونكولها استنادًا إلى اللوث الظاهر الذي حصل بالتعانه ونُكولها (٢).

ومن هذا ما شرعه الله سبحانه لنا من قبول شهادة أهل الكتاب على المسلمين في الوصية في السفر وأن أولياء (٣) الميت إذا اطلعا (٤) على خيانة من الوصيَّين جاز لهما أن يحلفا ويستحِقَّا ما حلفا عليه، وهذا لَوث في الأموال، وهو نظير اللوث في الدماء وأولى بالجواز منه.

وعلى هذا إذا اطَّلَع الرجلُ المسروقُ مالُه على بعضه في يد خائنٍ معروف بذلك، ولم يتبيَّن أنه اشتراه من غيره، جاز له أن يحلف أن بقية ماله عنده، وأنه صاحب السرقة استنادًا إلى اللوث الظاهر والقرائنِ التي تكشف الأمر وتوضحه. وهو نظير حلف أولياء المقتول في القسامة أنَّ فلانًا قتله سواءً، بل أمر الأموال أسهل وأخفُّ، ولذلك تثبت بشاهد ويمين، وشاهدٍ وامرأتين، ودعوى ونكولٍ؛ بخلاف الدماء. فإذا جاز إثباتها باللوث فإثبات الأموال به بطريق الأولى والأحرى.

والقرآن والسنة يدلان على هذا وهذا، وليس مع من ادعى نسخَ ما دلَّ عليه القرآن من ذلك حجَّةٌ أصلًا، فإن هذا الحكم في سورة المائدة وهي مِن


(١) م، ق، ب، ث: «في القسامة».
(٢) انظر: «الأم» (٦/ ٧٣٥) و «المدونة» (٦/ ١١٢).
(٣) كذا في الأصول، وفي المطبوع: «ولِيَّي» بالتثنية ليوافق الضمائر الآتية بعدُ.
(٤) ص، ز، ث: «اطلعوا».